للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه أيضًا دلالة أخرى: على أن الصلة بين الأب وابنه لا تنتهي، ليس كما في بلاد الغرب أن الإنسان إذا كبر وبلغ سن الثامنة عشرة ينفصم عن والديه ويبتعد عنهما؛ فالإسلام يبقي هذه الصلة قائمة مستمرة لا يفصلها إلا الموت.

قوله: (وَأَمَّا الطَّلَاقُ البَائِن، فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أن البَيْنُونَةَ إِنَّمَا تُوجَدُ لِلطَّلَاقِ مِنْ قِبَلِ عَدَمِ الدُّخُولِ، وَمِنْ قِبَلِ عَدَدِ التَّطْلِيقَاتِ، وَمِنْ قِبَلِ العِوَضِ فِي الخُلْعِ، عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ: هَلِ الخُلْعُ طَلَاق أَوْ فَسْخٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَعْدُ) (١).

يعني: المشهور عند العلماء: أن البينونة تحصل في الطلاق قبل الدخول، وأن من طلق ثلاثًا قبل الدخول يعتبر مطلقًا لبدعة، ومن طلق ثلاثًا مجتمعة في مجلس واحد فإنه يكون مطلقًا لبدعة.

ومن العلماء من قال: الثلاث يقعون طلقة واحدة.

ومنهم من قال: تقع ثلاثًا كما هو مذهب الجمهور (٢).

ومن العلماء: من يرى أن الرجل لو طلق زوجته طلاقًا رجعيًّا ثم تركها حتى خرجت من العدة ولم يراجعها تكون قد بانت منه. وهذا رأي ليس بالقوي.

وبعضهم يسمي تلك بينونة صغرى.

قوله: (وَاتَّفَقُوا عَلَى أن العَدَدَ الَّذِي يُوجِبُ البَيْنُونَةَ فِي طَلَاقِ الحُرِّ ثَلَاث تَطْلِيقَاتٍ إِذَا وَقَعَتْ مُفْتَرِقَاتٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {(٢٢٨) الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} الآيَةَ [البقرة: ٢٢٩]).

قال: "مفترقات" لأن من طلق زوجته طلقة ثم أتبعها بأخرى ثم


(١) سيأتي تحريره عند كلام ابن رشد.
(٢) سيأتي تحريره عند كلام ابن رشد.

<<  <  ج: ص:  >  >>