للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم؛ فهو يحاول دائمًا أن يتعس على المؤمن؛ لأنه لا يريد أن يسعد المؤمن في هذه الحياة الدنيا فيترتب على ذلك سعادته ونجاته في الآخرة.

وهو يشقى فهو يريد أن يكون معه جمع من الناس يتبعونه؛ فيحاول بقدر الإمكان أن يشوش على الناس؛ فأقل ما يكون أن يفسد علاقات الناس ببعض، والشيطان يدرك تمامًا أن ما يضر الإنسان إنما يحصل في أمر عقيدته؛ ولذلك يحاول أن يلبس عليه ويدخل عليه البدع من كل جانب، ويدرك أن من أهم الأمور التي ينبغي أن يستقيم عليه المرء إنما هي إقامة الصلوات؛ ولذلك يحاول أن يدخل إليه الوسواس في هذه الصلاة؛ فوضع لنا رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أمرًا ندفع به وساوس الشيطان.

قوله: (وَللْحَدِيثِ الثَّابِتِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهُ أن يُرَاجِعَ زَوْجَتَهُ لَمَّا طَلَّقَهَا حَائِضًا"، وَلَا خِلَافَ فِي هذا).

المؤلف سبق في أول كتابه أن وضع منهجًا يخصه بالنسبة إلى الأحاديث؛ فقال: "إذا قلت: الحديث المشهور فأعني به المتفق عليه" يعني: في "الصحيحين"، "وإذا قلت: الثابت؛ فما رواه أحدهما وربما اتفقا عليه".

والحديث جاء المؤلف بجزء منه؛ فعبد اللّه بن عمر طلق زوجته وهي حائض في بعض الروايات: "في عهد رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - " وبعض الروايات لم يذكر فيها، وهذا معروف لأن سياق الحديث يدل أنه على عهد رسول اللّه؛ فسأل عمر بن الخطاب رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فقال الرسول: "مره فليراجعها ثم ليمسكها" هذا أمر، و"ثم" تفيد الترتيب "حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر".

قال بعض العلماء: إن عمر - رضي الله عنه - ذهب إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، وفي ذلك دليل على أن الابن إذا وقع منه أمر يُكره أن يعتب عليه؛ فإن الأب له أن يسبقه في هذا الأمر وأن ينوب عنه (١).


(١) يُنظر: "فتح الباري"، لابن حجر (٩/ ٣٥٥)؛ حيث قال: "وفيه أن الأب يقوم عن ابنه البالغ الرشيد في الأمور التي تقع له مما يحتشم الابن من ذكره ولتلقى عنه ما لعله يلحقه من العتاب على فعله شفقة منه وبرًّا".

<<  <  ج: ص:  >  >>