للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَإِنَّمَا اتَّفَقُوا عَلَى هَذَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ}).

الخطاب إنما هو لرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، والخطاب إذا وُجه إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فإن أمته تدخل فيه، ولا يخص رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - من الأحكام إلا ما جاء دليل على تخصيصه (١).

{أَيُّهَا النَّبِيُّ} هنا الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه هو المبلغ عن اللّه، وهو الذي يتلقى الأحكام، وتصل إلينا بواسطته، وهذا من باب التجريف إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فهو إمامنا وقدوتنا؛ ولذلك خوطب بهذا الأمر وبأمثاله، ثم قال سبحانه: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ}؛ فالضمائر تشمل المؤمنين.

قوله: (إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١].

"لعل" للترجي؛ فأنت أيها الرجل عندما تطلق زوجتك ويكون الطلاق موافقًا لسنة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وفق لما شرعه اللّه سبحانه وتعالى بحول الله تعالى ستكون موفقًا لأنْ تسلك سبيل الرشاد، وستأخذ الفرصة ويكون أمامك الوقت لتراجع نفسك وتنظر في الأسباب؛ فربما يكون سبب الطلاق تافهًا، وما أكثر ما يحصل هذا بخاصة في هذا الزمان.


= الرجعة بموطوءة) ولو في الدبر، ومثلها مستدخلة مائه المحترم على الأصح؛ إذ لا عدة على غيرها، والرجعة شرطها العدة (طلقت) ".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٥/ ٣٤٢)؛ حيث قال: "الأول أن يكون دخل أو خلا بها؛ لأن غيرها لا عدة عليها فلا تمكن رجعتها".
(١) يُنظر: "البحر المحيط"، للزركشي (٤/ ٢٥٤ - ٢٥٥)؛ حيث قال: "الخطاب المختص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بوضع اللسان، مثل يا أيها النبي، ويا أيها الرسول، لا يدخل تحته الأمة إلا بدليل منفصل من قياس وغيره، وحينئذ فيشملهم الحكم لا باللفظ، وقيل: يدخل في اللفظ فهو عام إلا بدليل يخرجه، ونقل عن أبي حنيفة وأحمد، واختاره إمام الحرمين، وابن السمعاني، وغيره من أصحابنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>