للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الرواية التي جاء بها المؤلف حجة ظاهره للفريق الثاني الذين يقولون بأن الثلاث إذا وقعت جملة واحدة فهي تقع واحدة (١).

ولما بلغ الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلم بحزن الرجل سأله عن أمره؛ فينبغي لكل مفتٍ في مسائل الطلاق أن يتحوى فيها؛ فلا يأتيه إنسان فيحكي له واقعة فيتسرع بالجواب؛ لا بد أن يأخذ منه الكلام وأن يردد عليه ذلك، وأن يطمئن إلى قوله.

قوله: (وَقَدِ احْتَجَّ مَنِ انْتَصَرَ لِقَوْلِ الجُمْهُورِ بِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الوَاقِعَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" (٢) إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِهِ طَاوُسٌ، وَأَنَّ جِلَّةَ الصَّحَابَةِ رَوَوْا عَنْهُ لُزُومَ الثَّلَاثِ، مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَجَمَاعَةٌ غَيْرُهُمْ، وَأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ إِسْحَاقَ وَهْمٌ (٣)، وَإِنَّمَا رَوَى الثِّقَاتُ أَنَّهُ طَلَّقَ رُكَانَةُ زَوْجَهُ البَتَّةَ لَا ثَلَاثًا) (٤).

تكلمنا عن حديث عبد اللّه بن عباس.


(١) أخرجه أبو داود (٢٢٠٦) ولفظه: "أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة البتة فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك وقال: واللّه ما أردت إلا واحدة؛ فقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -:"والله ما أردت إلا واحدة؟ " فقال ركانة: واللّه ما أردت إلا واحدة؛ فردها إليه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فطلقها الثانية في زمان عمر والثالثة في زمان عثمان". وضعفه الألباني.
(٢) ليس في البخاري بل في مسلم كما تقدم.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٦/ ٣٩٦ - ٣٩٧) ولفظه عن عطاء بعد وفاته: "أن رجلًا قال لابن عباس: رجل طلق امرأته مائة، فقال ابن عباس: يأخذ من ذلك ثلاثًا ويدع سبعًا وتسعين".
ولفظه عن سعيد بن جبير أخبره: "أن رجلًا جاء إلى ابن عباس فقال: طلقت امرأتي ألفًا، فقال: تأخذ ثلاثًا وتدع تسعمائة وسبعة وتسعين".
ولفظه عن مجاهد: قال مجاهد: عن ابن عباس قال: "قال له رجل: يا أبا عباس، طلقت امرأتي ثلاثًا، فقال ابن عباس: يا أبا عباس! يطلق أحدكم فيستحمق، ثم يقول: يا أبا عباس! عصيت ربك، وفارقت امرأتك".
(٤) كما تقدم في رواية أبي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>