للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الطلاق بيد من أخذ بالساق" (١)؛ فالذي يأخذ بالساق إنما هو الرجل، وأيضًا هذا فيه كلام.

قوله: (إِلَّا أَنَّهُ حَدِيثٌ لَمْ يَثْبُتْ فِي الصِّحَاحِ، وَأَمَّا مَنِ اعْتَبَرَ مَنْ رَقَّ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ جَعَلَ سَبَبَ ذَلِكَ هُوَ الرِّقُّ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَجْعَلْ سَبَبَ ذَلِكَ لَا الذُّكُورِيَّةَ وَلَا الأنوثِيَّةَ مَعَ الرِّقِّ).

لم يثبت في ذلك حديث صحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليرفع النزاع ويزيله، ومن هنا وقع الخلاف بين العلماء؛ فنرجع إلى الأصل أن الطلاق بيد الرجل، كما جاء التنصيص على ذلك في كتاب الله عز وجل، وفي سنة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فلو استعرضنا الآيات نجد أن الخطاب إنما يوجه إلى الرجال.

قوله: (المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَأَمَّا كَوْنُ الرِّقِّ مُؤَثِّرًا فِي نُقْصَانِ عَدَدِ الطَّلَاقِ؛ فَإِنَّهُ حَكَى قَوْمٌ أَنَّهُ إِجْمَاعٌ) (٢).

المشقة تجلب التيسير، وذكر العلماء أسبابًا سبعة للتخفيف في هذه الشريعة؛ فخفف عن المسافر لأن السفر مظنة المشقة، وليس معنى هذا أن الحاضر لا تلحقه مشقة، قد تجد من الحاضرين من تلحقه مشقة أكبر، كما أن إنسانًا يعمل في منجم أو يقف على فرن في أيام الحر الشديد، وهذا يسافر في سيارة مكيفة أو سفينة أو طائرة؛ فربما لا تلحقه مشقة، لكن السفر مظنة للمشقة حتى وإن لم يتعب جسميًّا ففكره مشغول.

والمريض يخفف عنه، والناسي والمخطئ والمكره: "عفي عن أمتي


(١) "السنن الكبرى"، للبيهقي (٧/ ٥٩) ولفظه: "إنما يملك الطلاق من أخذ بالساق".
(٢) لم أقف على من حكاه، وقد ذكر ابن قدامة قول العلماء فيه، فقال: "فإن كان الزوج حرًّا؛ فطلاقه ثلاث حرة كانت الزوجة أو أمة وإن كان عبدًا؛ فطلاقه اثنتان حرة كانت زوجته أو أمة فإذا طلق اثنتين حرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره روي ذلك عن عمر وعثمان وزيد وابن عباس وبه قال سعيد بن المسيب ومالك والشافعي وإسحاق وابن المنذر". انظر: "المغني" (٧/ ٥٠٥ - ٥٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>