للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَفِي المَسْأَلَةِ قَوْلٌ أَشَذُّ مِنْ هَذَيْنِ، وَهُوَ أن الطَّلَاقَ يُعْتَبَرُ بِرِقِّ مَنْ رَقَّ مِنْهُمَا، قَالَ ذَلِكَ عُثْمَانُ البَتَيُّ وَغَيْرُه، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَسَبَبُ هَذَا الاخْتِلَافِ: هَلِ المُؤَثِّرُ فِي هَذَا هُوَ رِقُّ المَرْأَةِ أَوْ رِقُّ الرَّجُلِ، فَمَنْ قَالَ: التَّأثِيرُ فِي هَذَا هُوَ لِمَنْ بِيَدِهِ الطَّلَاقُ قَالَ: يُعْتَبَرُ بِالرِّجَالِ. وَمَنْ قَالَ: التَّأثِيرُ فِي هَذَا لِلَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ قَالَ: هُوَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ المُطَلَّقَةِ، فَشَبَّهُوهَا بِالعِدَّةِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ العِدَّةَ بِالنِّسَاءِ؛ أَيْ: نُقْصَانُهَا تَابعٌ لِرِقِّ النِّسَاءِ) (١).

لا شك أن العدة إنما هي للنساء.

قوله: (وَاحْتَجَّ الفَرِيقُ الأَوَّلُ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: "الطَّلَاقُ بِالرجَالِ، وَالعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ") (٢).

الصحيح أنه ليس حديثًا مرفوعًا، والمؤلف ذكر أنه مرفوع، وهذا نقل عن ابن عباس وعبد اللّه بن مسعود وعلي بن أبي طالب، والصحيح أنه موقوف على هؤلاء، وتعلمون الفرق بين الموقوف والمرفوع: أن المرفوع يكون قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكون حكمًا ملزمًا يجب النزول عنده، والموقوف: يكون قولًا للصحابي.

وهناك من الصحابة من خالف؛ فينظر في الأدلة الواردة في المسألة.

ويستدلون أيضًا: بما أخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" من حديث:


(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع"، لابن القطان (٢/ ٥١)؛ حيث قال: "وكذلك قال الجميع: عدتها من الطلاق حيضتان إلا ابن سيرين، واتبعته فرقة شذت فلم يعرج عليها أحد من الفقهاء".
(٢) لم أجده مرفوعًا لكن موقوفًا. انظر: "السنن الكبرى"، للبيهقي (٧/ ٦٠٧) ولفظه: عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: "الطلاق بالرجال والعدة بالنساء".

<<  <  ج: ص:  >  >>