للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المحققين، وأطالوا الكلام في المسألة وناقشوها بالأدلة كابن القيم رحمه الله (١).

قوله: (أَمَّا المَوْضِعُ الأَوَّلُ: فَإِنَّهُ اخْتَلَفَ فِيهِ مَالِكٌ (٢)، وَأَبُو حَنِيفَة (٣) وَمَنْ تَبِعَهُمَا، فَقَالَ مَالِكٌ: "مِنْ شَرْطِهَا أَلَّا يُتْبِعَهَا فِي العِدَّةِ طَلَاقًا آخَرَ". وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: "إِنْ طَلَّقَهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً وَاحِدةً، كَانَ مُطَلِّقًا لِلسُّنَّةِ").

ونسبة المؤلف هذا القول لمالكٍ فيه نظرٌ (٤)، فهذا القول قد ذهب إليه جمهور أهل العلم، ومنهم مالكٌ (٥)، والشافعي (٦)، وأحمد في أحد قوليه (٧)،


(١) ستأتى.
(٢) يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٥/ ٣٠٠) حيث قال: "طلاق السنة ما كان في طهر لم يمس فيه بعد غسلها أو تيممها طلقة واحدة فقط وغير هذا بدعي".
(٣) سيأتي.
(٤) يقصد نسبته إلى مالك وحده.
(٥) سبق.
(٦) الشافعية لم يوافقوا المالكية في هذا، بل عندهم لو وقع الطلاق في كل طهر من الثلاثة أطهار كان الطلاق سنيًّا. وهذا ما أفاده كلام ابن العربي، حيث قال في "أحكام القرآن" (٤/ ٢٧١): "وقال الشافعي: طلاق السنة أن يطلقها في كل طهر طلقة، ولو طلقها ثلاثًا في طهر لم يكن بدعة. وقال أبو حنيفة. طلاق السنة أن يطلقها في كل قرء طلقة".
انظر في مذهب الشافعية: "مغني المحتاج"، للشربيني (٤/ ٤٩٩)، وفيه قال: "الطلاق السني فهو طلاق مدخول بها في طهر لم يجامعها فيه ولا في حيض قبله، وليست بحامل ولا صغيرة ولا آيسة، وهي تعتد بالأقراء، وذلك لاستعقابها الشروع في العدة".
(٧) يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٨/ ٤٤٨) حيث قال: "ولو طلقها ثلاثًا في ثلاثة أطهار: كان حكم ذلك حكم جمع الثلاث في طهر واحد. قال الإمام أحمد رحمه الله: طلاق السنة واحدة، ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض".
ومشهور مذهب الحنابلة كمذهب المالكية. انظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٥/ ٢٣٩)، وفيه قال: " (السنة فيه) أي: الطلاق (أن يطلقها واحدة) لقول عليّ رواه النجاد (في طهر لم يصبها فيه) لما تقدم من قول ابن مسعود وابن عباس: ثم يدعها فلا يتبعها طلاقًا آخر حتى تنقضي عدتها".

<<  <  ج: ص:  >  >>