للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لباب الرخصة الذي وَجَّهَ اللهُ الرجالَ إليه في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١]، قال ابن مسعود: "يعني طاهرًا من غير جماعٍ" (١).

قوله: (وَقَوْلُ مَالِكٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَظْهَرُهَا هُنَا مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ).

لِمخالَفة قول الشافعي هاهنا لِمَا وَرَدَ في كتاب اللّه، حين أمَرَ سبحانه الرجال بأن يطلقوهن لعدتهن، بينما المطلق ثلاثًا يهدر فرصته بهذا، بحيثُ لا تحل له امرأته حتى تنكح زوجًا غيره.

قوله: (وَأَمَّا المَوْضِعُ الثَّالِثُ: فِي حُكْمِ مَنْ طَلَّقَ فِي وَقْتِ الحَيْضِ: فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ، مِنْهَا: أَنَّ الجُمْهُورَ (٢) قَالُوا: يَمْضِي طَلَاقُهُ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: "لَا يَنْفُذ، وَلَا يَقَعُ").

وهذه المسألة من المسائل المهمة، والحكم فيها - كما ذكرنا - يدور على قولين:


(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ١١٨) عن عبد اللّه بن مسعود قال: "من أراد أن يطلق للسنة كما أمر اللّه عز وجل، فلينظرها حتى تحيض ثم تطهر، ثم ليطلقها طاهرًا في غير جماع"، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٠٥١).
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٢/ ١٩٢) حيث قال: " (وطلاق الموطوءة) حائضا (بدعي) لما ذكرنا".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الفواكه الدواني" للنفراوي (٢/ ٣١) حيث قال: "والبدعي مكروه في غير الحيض وحرام في زمنه، ويجبر على الرجعة إن طلقها فيه".
مذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٨/ ٨٠) حيث قال: " (ولو قال لحائض) ممسوسة أو نفساء (أنت طالق للبدعة) أو للحرج أو طلاق البدعة أو الحرج (وقع في الحال) ".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ٢٤٠) حيث قال: "وإن طلق المدخول بها في حيض) أو نفاس (أو طهر أصابها فيه ولو) أنه طلقها (في آخره)، أي: آخر الطهر الذي أصابها فيه (ولم يستبن)، أي: يظهر ويتضح (حملها فهو طلاق بدعة محرم) لمفهوم ما تقدم. (ويقع نصًّا) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>