للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١]، ومن طلَّق في طهر لم يمسَّ فيه فقد طلَّق للعدة، فلماذا فرقتم؟!

والجمهور لا يخالفون المالكية (١) في كون الأفضل في حقِّ المطلق في الحيض أن يمسك امرأته حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ولكن الخلاف في كونه على سبيل الوجوب أم الندب، فالأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد لا يرونه واجبًا؛ لأنها إذا طهرت وطلقها في هذا الطهر يكون قد طلقها في طهر لم يمسَّها فيه بما يعني أنه قد طلَّقها لعدَّتها كما أمر الله تعالى.

ولذلك فإن أشهب - وهو أحد أئمة المالكية - قد خالف المالكية في هذا القول.

* قوله: (لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي بَعْدَ الحَيْضَةِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنَ الطَّلَاقِ الآخِرِ عِدَّةٌ، لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ كَالمُطَلِّقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبِالجُمْلَةِ، فَقَالُوا: إِنَّ مِنْ شَرْطِ الرَّجْعَةِ وُجُودَ زَمَانٍ يَصِحُّ فِيهِ الوَطْء، وَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ يَكُونُ مِنْ شُرُوطِ طَلَاقِ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُطَلِّقْ فِي الحَيْضَةِ الَّتِي قَبْلَه، وَهُوَ أَحَدُ الشُّرُوطِ المُشْتَرَطَةِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ فِيمَا ذَكرَهُ عَبْدُ الوَهَّابِ) (٢).

فإرشاد الرسول إلى عدم تطليق ابن عمر امرأته في الحيض من جملة حِكَمِه الرفق بالمطلقات؛ لأن الطلاق في الحيض يطيل مدة العدة على


(١) تقدم.
(٢) يُنظر: "التلقين" للقاضي عبد الوهاب (ص ٣١٣) حيث قال: "ولطلاق السنة ستة شروط: أحدها: أن تكون المطلقة ممن تحيض مثلها. والثاني: أن تكون طاهرًا غير حائض ولا نفساء. والثالث: أن تكون في طهر لم تمس فيه. والرابع: أن يكون الطهر تاليًا لحيض لم تطلق فيه. والخامس: أن يطلق واحدة. والسادس: أن تترك ولا يتبعها طلاقًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>