للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فداود الظاهري عَلَّقَ جواز الخُلع بخشية الزوجين من عدم إقامة حدود اللّه في قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩]، ومن المعلوم وقوف أهل الظاهر عند ظواهر النصوص وعدم التعمق في مدلولاتها.

* قوله: (وَشَذَّ النُّعْمَانُ (١) فَقَالَ: "يَجُوزُ الخُلْعُ مَعَ الإِضْرَارِ").

فأبو حنيفة النعمان على هذا القول وأن فاعِلَه عاصٍ آثمٌ مرتكبٌ لمعصيةٍ مستحقٌّ للعقوبة، وأن المعاوضة التي حصلَت لا يجب أن تُرَدَّ، بخلاف جمهور العلماء فيرون أن على الزوج أن يردّ لامرأته ما أخذه منها.

ثم بعد ذلك يتناولون مسألة ما إذا كان هذا يُعتَبَر طلاقًا أم خُلعًا.

وكذلك ما إذا كان يجوز إتمام الخلع على غير عوض أم لا، وأنه يجوز إذا كان هناك اتفاقٌ بين الزوجين على ذلك.

* قوله: (وَالفِقْهُ أَنَّ الفِدَاءَ إِنَّمَا جُعِلَ لِلْمَرْأَةِ فِي مُقَابَلَةِ مَا بِيَدِ الرَّجُلِ مِنَ الطَّلَاقِ).

وهذه لفتةٌ طيبةٌ من المؤلف، فكأنه يريد أن يقول: إن الفقه لا يؤخَذ بظواهر الأمور، وإنما ينبغي على الفقيه أن يغوص في المسائل حتى يصل إلى حقيقتها وأن يستجمع كلَّ ما يتعلق بالمسألة، ثمَّ بعد ذلك يقرر قوله في المسألة.

فلا شكَّ في كون الطلاق بيد الرجل، وأن في ذلك حكمةً لله سبحانه الذي يعلم السرَّ وأخفى، كما قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)} [الملك: ١٤]، فالرجل عنده من الرَّوِيَّة والحكمة وبُعد النظر ما يحمله على عدم التسرُّع في مثل هذا القرار الخطير.


(١) يُنظر: "حاشية ابن عابدين على الدر المختار" (٣/ ٤٤٥) حيث قال: "والحق أن الأخذ إذا كان النشوز منه حرام قطعًا - {فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} إلا أنه إن أخذ ملكه بسبب خبيث".

<<  <  ج: ص:  >  >>