وجَعَلَ اللّهُ في مقابل ذلك مسلكًا للمرأة تفدي به نفسها إذا ضَيَّقَ عليها الزوج أو أرغَمَها أو إذا كرهَته كما في قصة جميلة امرأة ثابت بن قيس، فجَعَلَت لها الشريعة فداء نفسها بأن ترُدَّ إلى الزوج ما أخذَته منه مقابل أن يخالِعَها.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الزوج كما أن له أن يوكل في الطلاق - كما في قصة فاطمة بنت قيس حين أرسل زوجها طلاقها ووكيله بشعيرٍ، فسخطَتهُ - فكذلك له أن يفوض المرأة في أن تخالع نفسها أو أن تطلق نفسها.
بمعنى: أنها إذا أبغضته ونفرت منه نفسها وقلبها فحينئذٍ يكون الخُلع مَخرَجًا لها من هذا الزواج، كما في قصة جميلة وقولها للرسول:"يا رسول الله إني لا أعيب على ثابت في دين ولا خُلق، ولكني امرأةٌ أَكرَهُ الكفر في الإسلام"، وقد بَيَّنَّا احتمالات معنى قولها:"أكره الكفر في الإسلام"، وأن ذلك قد يراد به كُفر العشير، وقد يراد به الخشية من الوقوع في المعصية لِمَا قد تَتَسَبَّب فيه كراهتها للزوج من عدم الوفاء له بحقوقه الواجبة.
أما إذا وقع الكُرهُ من الزوج فينبغي عليه ألا يضطرها إلى طلب الفراق، بل له أن يطلِّقَها ما دام الله قد وضع الطلاق في يده، أما إذا كان كُرهُه لها بسبب أخلاقها أو سوء معاملتها له فإن الله تعالى جَعَلَ حل هذه المشكلة بأن يُرسَلَ حَكم من أهله وحَكمٌ من أهلها، إن يريدا إصلاحًا يوفِّق اللَّهُ بينهما، فإذا انغَلَقَت الطرق أمامهما وتعذر الإصلاح فحينئذٍ يكون الطلاق.