للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجمَلَهَا دون تفصيلٍ، مما قد يُشَوِّشُ على الدارس، ولذا فإننا سنقرأ هذا الباب بتمهُّلٍ ونُبَيِّنُه شيئًا فشيئًا.

أما الطلاق فإنه حقٌّ من حقوق الزوج، قد جعله الله سبحانه وتعالى بيده لا بيد الزوجة، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١]، وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [لأحزاب: ٤٩]، وهذا الحق للزوج أن يوقعه بنفسه أو يوكل فيه غيره، بل إن له أن يوكل في الطلاق أكثر من شخصٍ، بحيث لو أوقع أحد الوكيلين طلقةً وأوقع الوكيل الآخر ثلاث طلقاتٍ اعتبَرْنا بالأقل كما نَصَّ الفقهاء على ذلك، كما أن للزوج أن يُفَوِّضَ زوجته في طلاق نفسها كما هو الحال بالنسبة للتخيير أو التمليك.

فهذا الباب يتناول ما إذا كان للمرأة أن تُطَلِّقَ نفسها أم لا، كما يتناول الصفة التي يحصل بها الطلاق حينئذٍ.

* قوله: (وَالتَّمْلِيكُ عَنْ مَالِكٍ فِي المَشْهُورِ غَيْرُ التَّخْيِيرِ (١)، وَذَلِكَ أَنَّ التَّمْلِيكَ هُوَ عِنْدَهُ تَمْلِيكُ المَرْأَةِ إِيقَاعَ الطَّلَاقِ).

فالتمليك: هو أن يقول لزوجته: (مَلَّكتُكِ نفسَكِ، أو: أمرُكِ بيدكِ، أو: تركتُ أمْرَكِ لكِ)، فهذه ألفاظٌ ليست صريحةً في الطلاق، وإنما تعني أنه فَوَّضَها.

وأما التخيير: فهو أن يقول لزوجته: (اختاري لنفسكِ).

وأحمد (٢) يوافق مالكًا في التفريق بين التمليك والتخيير،


(١) يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٥/ ٣٩٠) حيث قال: "ذهب مالك إلى أن التمليك يفترق من التخيير".
(٢) يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٨/ ٤٩١) حيث قال: "وإن قال لامرأته: "أمرك بيدك" فلها أن تطلق نفسها ثلاثًا. وإن نوى واحدة. هذا المذهب؛ لأنه كناية ظاهرة … وتملك المرأة بقوله: "طلاقك بيدك"" أو "وكلتك في الطلاق" ما تملك بقوله لها "أمرك بيدك" فلا يقع بقولها: "أنت طالق" أو "أنت مني طالق" أو "طلقتك" على الصحيح من المذهب".

<<  <  ج: ص:  >  >>