للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تأخذنا الأناة والانفراد، وكلما سابقت إلى الخيرات، وأرشدت الضال، وهديت الخارج عن الطريق السوى، الله يضاعف لك الحسنات، ويعطيك الأجر العظيم.

وقد بين لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله يعفو عن الخطأ، قال - صلى الله عليه وسلم -:" عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" (١)، وفي بعض ألفاظه: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" (٢)، كل منا بشرٌ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كلكم خطاؤون وخير الخطائين التوابون" (٣) فالإنسان ربما تصدر على لسانه كلمة لا يقصد معناها لا يؤاخذ بها، وربما يخطئ في كلمة لا يدرك معناها، يقول الله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (٨٢)} [طه: ٨٢] {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦].

وأما قوله: "وما استكرهوا عليه" (٤)، قد يكره الإنسان على أمرٍ من الأمور فيه معصيه لله، لكن لو أكره إنسان على أن يقتل أخًا له فلا يجوز له ذلك، لأنه لا ينبغي أن يقدم غيره ضحيةً، ولو أكره على الزنا ليس له أن يفعل ذلك (٥).


(١) أخرجه قريبًا من هذا اللفظ ابن عدي في الكامل (٦/ ٤٩٤)، من طريق عبد الرحيم بن زيد العمي حدثني أبي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "عفي لي عن أمتي الخطأ والنسيان والاستكراه". وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (٨٢).
(٢) أخرجه ابن ماجة (٢٠٤٥) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٨٢).
(٣) أخرجه الترمذي (٢٥٠١)، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (٢/ ٨٣١).
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة.
يُنظر في مذهب الأحناف: "مختصر القدوري" (ص ١٦١) حيث قال: "وإن أكره بقتل على قتل لم يسعه أن يقدم عليه ويصبر حتى يُقتل، فإن قتله كان آثمًا، والقصاص على الذي أكرهه إن كان القتل عمدًا … وإن أكرهه على الزنا وجب عليه الحد عند أبي حنيفة إلا أن يُكرهه السلطان".
ويُنظر في مذهب المالكية: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٤/ ٣٦) حيث قال: "من أُكره على قتل مسلمٍ فإنه لا يجوز له أن يفعل ذلك ولو أدى إلى قتله، وكذلك لو=

<<  <  ج: ص:  >  >>