للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه كما مرَّ بنا في قضية الطلاق، الطلاق لفظ واحدٌ، واختلاف العلماء فيها (١) وأن السلف على عهد رسول الله وأبي بكر وسنتين وفي بعض الروايات ثلاث سنوات من خلافة عمر واحد، وأنَّ عمر لما رأى الناس قد تعجلوا أمرًا هم في أناةٍ منه، أقامه عليهم (٢) أي: نفذه عليهم، ووقع الخلاف في ذلك.

ولذلك لا ينبغي للمسلم ألا يسارع إلا في شيءٍ واحد وهو فعل الخير، فالإنسان إذا سارع في فعل الخير لا يندم.

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه … لا يذهب الخير بين الله والناس

فعل الخير لا يمكن أن تندم عليه، لكن تندم على فعل السيئات، لكن الله أعطاك مجالًا إذا تبت ورجعت إليه بنفس راضيةٍ مطمئنةٍ، وأنت نادم على ما مضى، مصر ألا تعود فالله - سبحانه وتعالى - يغفر لك.


(١) ذهب جمهور الفقهاء إلى وقوع الطلاق ثلاثًا بلفظٍ واحدٍ وفي وقتٍ واحدٍ.
مذهب الحنفية: ينظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٢/ ١٩٠) حيث قال: "تطليقها ثلاثًا في طهرٍ واحدٍ أو بكلمةٍ واحدةٍ طلاقٌ بدعيٌّ، وكذلك الثنتان في طهرٍ واحدٍ أو بكلمةٍ واحدةٍ". والطلاق البدعي واقعٌ.
ومذهب المالكية: ينظر: "الفواكه الدواني " للنفراوي (٢/ ٣١) حيث قال: "وطلاق الثلاث في كلمةٍ واحدةٍ بدعة ويلزم إن وقع".
ومذهب الشافعية: ينظر: "تحفة المحتاج" لابن حجر الهيتمي (٨/ ٨) حيث قال: "وأنت (طالق)، وإن قال ثلاثًا على سائر المذاهب فيقعن وفاقًا لابن الصباغ وغيره وخلافًا للقاضي أبي الطيب ولا نظر لكونه لا يقع على سائر المذاهب؛ لأن منها من يمنع وقوع الثلاث جملةً".
ومذهب الحنابلة: ينظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ٢٤٠) حيث قال: " (وإن طلقها) أي طلق رجلٌ زوجته (ثلاثًا بكلمةٍ) حرمت نصًّا ووقعت".
وذهب ابن تيمية إلى أن الثلاث تقع واحدةً إذا كانت بلفظٍ واحدٍ، وأطال في الرد وذكر الأدلة عليه. يُنظر: "مجموع الفتاوى" (٣١١/ ٣٢).
(٢) أخرجه مسلم (١٤٧٢) عن ابن عباس، قال: "كان الطلاق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمو، طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إنَّ الناس قد استعجلوا في أمرٍ قد كانت لهم فيه أناةٌ، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>