للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغوي له عدة احتمالات، لكن الشرع خصه بالطلاق المعروف، فإذا قال الإنسان: طلقت انتهى، لكن لو أراد غير ذلك كفك الحبل الذي في يدها وقال أنت طالق، عرفنا أنه أطلق القيد فزال الإشكال.

قوله: (وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ فَهِيَ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِلشَّرْعِ فِيهَا تَصَرُّفٌ - أَعْنِي: أَنْ تَدُلَّ بِعُرْفِ الشَّرْعِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ -، أَوْ هِيَ بَاقِيَة عَلَى دَلَالَتِهَا اللُّغَوِيَّةِ. فَإِذَا اسْتُعْمِلَتْ فِي هَذَا الْمَعْنَى - أَعْنِي: فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ - كَانَتْ مَجَازًا، إِذْ هَذَا هُوَ مَعْنَى الْكِنَايَةِ، - أَعْنِي: اللَّفْظَ الَّذِي يَكُونُ مَجَازًا فِي دَلَالَتِهِ (١) -).

يعني: لما يقول الرجل أنا سرحتك، ربما يكون هناك تعامل مالي بين الزوجين فيقول سرحتك احتمال أنه فك الشركه بينهما، وسرحتك يعني: أطلقتك من يدي، وهكذا توجد احتمالات كثيرة، فارقتك يعني: بجسمي، أو يقول: فارقيني بجسمك، فارقتك بقلبي، فارقتك بعملي، أنت في جهة وهي في جهة في العمل، فالاحتمال قائم، ولذلك ابن حامد من علماء الحنابلة خالف المذهب (٢) في ذلك وانضم إلى مذهبي الحنفية والمالكية؛ لأنَّ الفراق والسراح وردا في القرآن والسنة بمعان أخرى وكذلك في لغة العرب.

والعلماء يقسمون البلاغة إلى علوم ثلاثة: علم المعاني، وعلم البديع، وعلم البيان.

وعلم البيان هو الذي يرد فيه ما نقول عنه استعارة وكناية ومجاز ونحو ذلك.


(١) قال السرخسي في "المبسوط" (٦/ ٧٧): "ولكنا نقول الصريح ما يكون مختصًّا بالإضافة إلى النساء فلا يستعمل في غير النكاح، وهذا لا يوجد في هذين اللفظين، فإن الرجل يقول: سرحت إبلي، وفارقت غريمي أو صديقي، فهما كسائر الألفاظ المبهمة لا يقع بهما الطلاق إلا بالنية".
(٢) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>