هَذَا، وَأَمَّا إِنْ عَلَّقَهُ بِشَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ بِخُرُوجِهِ إِلَى الْوُجُودِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ وَلَدْتِ أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِق؛ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَتَوَقَّفُ عَلَى خُرُوجِ ذَلِكَ الشَّيْءِ إِلَى الْوُجُودِ. وَأَمَّا إِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا تَلِدُ أُنْثَى، فَإِنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحِينِ يَقَعُ عِنْدَهُ وإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى، وَكَانَ هَذَا مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ، وَالْقِيَاسُ يُوجِبُ أَنْ يُوقَفَ الطَّلَاقُ عَلَى خُرُوجِ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَوْ ضِدِّهِ، وَمِنْ قَوْلِ مَالِكٍ إِنَّهُ إِذَا أَوْجَبَ الطَّلَاقَ عَلَى نَفْسِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا مِنَ الْأَفْعَالِ أَنَّهُ لَا يَحْنثُ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ، وَإِذَا أَوْجَبَ الطَّلَاقَ عَلَى نَفْسِهِ بِشَرْطِ تَرْكِ فِعْلٍ مِنَ الْأَفْعَالِ فَإِنَّهُ عَلَى الْحِنْثِ حَتَّى يَفْعَلَ، ويُوقَفُ عِنْدَهُ عَنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ، فَإِن امْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ ضُرِبَ لَهُ أَجْلُ الْإِيلَاءِ، وَلَكِنْ لَا يَقَعُ عِنْدَهُ حَتَّى يَفُوتَ الْفِعْلُ إِنْ كانَ مِمَّا يَقَعُ فَوْتُهُ. وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ عَلَى بِرِّ حَتَّى يَفُوتَ الْفِعْل، وَإِنْ كَان مِمَّا لَا يَفُوتُ كَانَ عَلَى الْبِرِّ حَتَّى يَمُوتَ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافُهُمْ فِي تَبْعِيضِ الْمُطَلَّقَةِ، أَوْ تَبْعِيضِ الطَّلَاقِ، وَإِرْدَافِ الطَّلَاقِ عَلَى الطَّلَاقِ. فَأَمَّا مَسْأَلَةُ تَبْعِيض الْمُطَلَّقَةِ: فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ: إِذَا قَالَ يَدُكِ أَوْ رِجْلُكِ أَوْ شَعْرُكِ طَالِق طُلِّقَتْ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُطَلَّقُ إِلَّا بِذِكْرِ عُضْوٍ يُعَبَّرُ بهِ عَنْ جُمْلَةِ الْبَدَن كالرَّأْسِ وَالْقَلْبِ وَالْفَرْجِ، وَكذَلِكَ تُطَلَّقُ عِنْدَهُ إِذَا طَلًّقَ الْجُزْءَ مِنْهَا، مِثْلَ الثُّلُثِ أَوِ الرُّبُعِ. وَقَالَ دَاوُدُ: لَا تُطَلَّقُ. كَذَلِكَ إِذَا قَالَ عِنْدَ مَالِكٍ: طَلَّقْتُكِ نِصْفَ تَطْلِيقِةٍ، طُلِّقَتْ، لِأَنَّ هَذَا كلَّهُ عِنْدَهُ لَا يَتَبَعَّضُ. وَعِنْدَ الْمُخَالِفِ إِذَا تبَعَّضَ لَمْ يَقَعْ. وَأَمَّا إِذَا قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: أَنْتِ طَالِق، أَنْتِ طَالِق، أَنْتِ طَالِق، نَسَقًا، فَإِنَّهُ يَكُونُ ثَلَاثًا عِنْدَ مَالِكٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشافِعِيُّ: يَقَعُ وَاحِدَةً، فَمَنْ شَبَّهَ تَكْرَارَ اللَّفْظِ بِلَفْظِهِ بِالْعَدَدِ - أَعْنِي: بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا - قَالَ: يَقَعُ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا. وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ بِاللَّفْظَةِ الْوَاحِدَةِ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute