للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربما لا تلبس هذا الثوب، فيحتمل أن تأكل الرغيف وأن لا تأكله، لكن طلوع الشمس أمر متأكد وقوعه، ومثله تمامًا لو هو في شهر محرم فقال: أنتِ طالقٌ إن دخل شهر صفر، فشهر صفر معلومٌ أنه يدخل، أو في شهر ذي الحجة فيقول: أنت طالق إن دخل شهر محرم، فهذا أمرٌ متحققٌ.

قوله: (فَهَذَا يَقَعُ نَاجِزًا عِنْدَ مَالِكٍ (١)، وَيَقِفُ وُقُوعُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ (٢) وَأَبِي حَنِيفَةَ (٣) عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ، فَمَنْ شَبَّهَهُ بِالشَّرْطِ الْمُمْكِنِ الْوُقُوعِ قَالَ: لَا يَقَعُ إِلَّا بِوُقُوعِ الشَّرْطِ. وَمَنْ شَبَّهَهُ بِالْوَطْءِ الْوَاقِعِ فِي الْأَجَلِ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِكَوْنهِ وَطْئًا مُسْتَبَاحًا إِلَى أَجَلٍ قَالَ: يَقَعُ الطَّلَاق، وَالثَّالِثُ: هُوَ الْأَغْلَبُ مِنْهُ بِحَسَبِ العَادَةِ وُقُوعُ الشَّرْطِ، وَقَدْ لَا يَقَعُ كتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَمَجِيءِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، فَفِي ذَلِكَ رِوَايَتَان عَنْ مَالِكٍ: إِحْدَاهُمَا: وُقُوعُ الطَّلَاقِ نَاجِزًا. وَالثَّانِيَةُ: وُقُوعُهُ عَلَى وُجُودِ شَرْطِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَالْقَوْلُ بِإِنْجَازِ الطَّلَاقِ فِي هَذَا يَضْعُفُ لِأَنَّهُ مُشَبَّهٌ عِنْدَهُ بِمَا يَقَعُ وَلَا بُدَّ، وَالْخِلَافُ فِيهِ قَوِيٌّ. وَأَمَّا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالشَّرْطِ الْمَجْهُولِ الْوُجُودِ: فَإِنْ كانَ لَا سَبِيلَ إِلَى عِلْمِهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ كَانَ خَلَقَ اللَّهُ الْيَوْمَ فِي بَحْرِ الْقُلْزُمِ حُوتًا بِصِفَةِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ فَلَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِهِ


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ٣٩٠) حيث قال: " (أو) علق على (مستقبلِ محققٍ) لوجوبه عقلًا أو عادةً (ويشبه بلوغهما) معًا إليه والمراد بما يشبه ما كان مدة التعمير فأقل وما لا يشبه ما زاد عن مدتها (عادةً) كأنت طالق (بعد سنة) فينجز عليه الآن حال التعليق".
(٢) يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٣/ ٣٠٢) حيث قال: "أنت طالقٌ في شهر كذا أو غرته أو أوله أو رأسه أو دخوله أو مجيئه) أو ابتدائه أو استقباله أو أول آخر أوله (طلقت بدخول أول ليلةٍ منه) ".
(٣) يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٢/ ٣٢١) حيث قال: "إذا كان في الملك أو مضافًا إلى الملك أو سببه يقع الطلاق بعد وجود الشرط".

<<  <  ج: ص:  >  >>