للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (١): لَا بَأْسَ أَنْ تَتَزَيَّنَ الرَّجْعِيَّةُ لِزَوْجِهَا، وَتَتَطَيَّبَ لَهُ وَتَتَشَوَّفَ وَتُبْدِيَ الْبَنَانَ وَالْكُحْلَ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ (٢).

وهذا الذي يتناسب مع العدَّةِ؛ لأنَّ العدة وُضعت لتكون فرصةً للزوج ليفكِّر، فكونها تتزين له وتتشوف أو تتشرف إليه أي تتطلع له وتقابله وتظهر له محاسنها، فإنَّ ذلك ربما يساعد على أن يفكِّر في رجعتها إليه، وتتزين بمعنى أن تلبس ملابس الزينةِ بأن تكتحل وأن تبدى بعض ما يحتاج إلى إبداءهِ، كمثل أطراف الأصابع التي فيها خضاب، كذلك العينين التي فيها الكحل، وبعضهم يرى كالإمام أحمد أنَّ له أن يسافر بها في الرواية الأخرى (٣) وأن يخلو بها، وله أن يطأها، إذًا هذا في نظرنا هو الأقرب من الحكمة في وجود هذه العدة في طلاق الرجعية، إذ الغرض منها كما أشار الله سُبحانه وتعالى في قوله: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١].

قوله: (وَكُلُّهُمْ قَالُوا: لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ تَعْلَمَ بِدُخُولِهِ بِقَوْلٍ أَوْ حَرَكةٍ مِنْ تَنَحْنُحٍ أَوْ خَفْقِ نَعْلٍ (٤)).


(١) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (٣/ ١٦٥) حيث قال: "والمطلقة الرجعية تتشوّف وتتزين لقيام النكاح بينها وبين الزوج على ما بينَّا، والرجعة مستحبةٌ والزينة حاملةٌ عليها فتجوز".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٦١) حيث قال: "وقال الثوري: لا بأس أن تتشوف له وتتزين وتسلم ولا يستأذن عليها ولا يؤذنها ويؤذنها بالتنحنح ولا يرى لها شعرًا ولا محرمًا، وهو قول أبي يوسف، وقال الأوزاعي: لا يدخل عليها إلا بإذن وتتشوف له وتتزين وتبدي البنان والكحل".
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ١٤٩) حيث قال: " (ولها) أي الرجعية (أن تشرف) أي تتعرض (له) أي لمطلقها بأن تريه نفسها. (و) لها أيضًا أن (تتزين) له كما تتزين النساء لأزوأجهن لإباحتها له كما قبل الطلاق".
(٤) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (٣/ ١٦٥) حيث قال: "ويستحب لزوجها أن لا يدخل عليها حتى يؤذنها إذا لم يكن قصده الرجعة =

<<  <  ج: ص:  >  >>