للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنسانًا قال لامرأته: أنت عليَّ كظهر أمي، أو أنت علي حرامٌ كظهري، وغير كذلك، حينئذٍ الأمر لا يحتاج .. تعليل المؤلف له وجهٌ من النظر.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ مِنَ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، فَقَالَ مَالِكٌ (١): لَا يَخْلُو مَعَهَا وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا، وَلَا يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِهَا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهَا إِذَا كَانَ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا. وَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ إِبَاحَةِ الأكلِ مَعَهَا (٢)).

يعني هذه المطلقة طلاقًا رجعيًّا هل تعامل بمثابة الأجنبية، أم أنها في حكم الزوجة فله أن يدخل عليها ويخلو بها ويسافر بها وتتزين له وتواكله وتشاربه، أم أنه ينقطع عنها، وليس له أن يفعل شيئًا من ذلك حتى يردها إليه؟

العلماء مختلفون في هذا الأمر، ومذهب مالكٍ في هذه المسألة فيه نوعٌ من التشديد؛ لأنه يرى ألا يقاربها، وهناك غاية مقصودةٌ من هذه العدة بأن يتذكر الزوج ما بينه وبين تلك الزوجة، فلعله يراجع نفسه ويفكر في الأمر مليًّا، فيحدث ما لم يكن حدث بعد الطلاق، فبذلك تتوق نفسه إلى الرجعة إلى زوجته، ولربما أنَّ هذه الزوجة ذاتُ أولادٍ، ولو حصل الطلاق الذي تتلوه الفرقة وبعُدَ كلُّ واحدٍ منهما عن الآخر لا شكَّ أن ذلك سيترك أثرًا غير محمودٍ بالنسبة للأولاد، ولذلك يلجأ إلى الطلاق عندما تنسد المسالك وإن كان ذلك مما أباحه الله، هذا القول الذي ورد عن الإمام مالكٍ هي روايةٌ عن الإمام أحمد (٣).


(١) يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٤/ ٨٥) حيث قال: "الرجعية حكمها حكم الزوجة في وجوب النفقة والكسوة والموارثة بينهما وغير ذلك إلا في تحريم الاستمتاع بها قبل المراجعة بنظرة أو غيرها من رؤية شعرٍ واختلاءٍ بها".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٦١) حيث قال: "وقال ابن القاسم رجع مالكٌ عن ذلك وقال: لا يدخل عليها، ولا يرى شعرها، ولا يأكل معها".
(٣) يُنظر: "الهداية" للكلوذاني (ص ٤٦٢) حيث قال: "والرجعية مباحةٌ لزوجها يجوز أن تتشوف له ويخلو بها ويسافر ما دامت في العدة وعنه أنها غير مباحةٍ".

<<  <  ج: ص:  >  >>