للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (أَمَّا الشَّافِعِيُّ: فَقَاسَ الرَّجْعَةَ عَلَى النِّكَاحِ، وَقَالَ: قَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِالْإِشْهَادِ، وَلَا يَكُونُ الْإِشْهَادُ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ (١)).

الحقيقه أنا أرى فرقًا كبيرًا بينهما؛ لأن النكاح يختلف فهذه امرأة سيعقد عليها وهو لا يعرفها ولا تعرفه، ولذلك تحتاج إلى وليٍّ وإلى صداقٍ وإلى رضى كلٍّ من الطرفين، ولا بدَّ من الإشهاد، ثم أيضًا ورد فيها نصٌّ: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل"، أما هذه فهي في حكم زوجته، ولهذا يقول اللّه تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١]، لماذا وضع اللّه - سبحانه وتعالى - هذه العدة وترك هذه المدة الطويلة؟ ليعطي الزوج مدةً ليفكر ويراجع نفسه، فكثيرًا ما يندم الأزواج على مثل ذلك، فلو لم تكن هذه العدة لكان فرط وفاته الأمر، ولا يستطيع أن يفعل شيئًا كما لو كان قد طلَّقها ثلاثًا.

قوله: (وَأَمَّا سَبَبُ الاخْتِلَافِ بَيْنَ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ: فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَرَى أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ مُحَلَّلَةُ الْوَطْءِ عِنْدَهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُولَى مِنْهَا وَعَلَى الْمُظَاهَرَةِ وَلأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْفَصِلْ عِنْدَه، وَلذَلِكَ كَانَ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا وَعِنْدَ مَالِكٍ أَنَّ وَطْءَ الرَّجْعِيَّةِ حَرَامٌ حَتَّى يَرْتَجِعَهَا، فَلَا بُدَّ عِنْدَهُ مِنَ النِّيَّةِ. فَهَذَا هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ).

لو أنَّ إنسانًا أقسم على ألا يطأ امرأته مدةً وأكثرها أربعة أشهرٍ، فإذا انتهت هذه المدة هل نقول: تعال واشهد ولا تطأ، أو أنَّ مجرد الوطء يرفع الإشكال؟

الجواب: أنه لو وطأها انتهى؛ لأن اللّه - سبحانه وتعالى - يقول: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧)} [البقرة: ٢٢٦، ٢٢٧].

هنا لا يحتاج إلى إشهادٍ، كذلك بالنسبة إلى المظاهرة أيضًا، فلو أنَّ


(١) يُنظر: "نهاية المحتاج" (٧/ ٥٩): "والقديم الاشتراط لا لكونها بمنزلة ابتداء النكاح".

<<  <  ج: ص:  >  >>