للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"شرح الهداية"، والعيني هذا مؤلف "عمدة القاري"، والذي شرح فيه "صحيح البخاري"، وكذلك المذهب الشافعي: قد خُدِمَ من هذه الناحية أيضًا، ولو لم يكن فيه إلا "المجموع" للنووي الذي أتمه بعد ذلك علماء، لَكَفى، فكتاب "المجموع" للنووي، وكتاب "المغني" لابن قدامة هما من أجمع الكتب، ويَنْدر أن تَفُوتهما مسألة إلا المسائل النادرة أو الضعيفة، وقد توجد مَسائلُ فِيهِما في غير مظانها المشهورة، ومع ذلك: فلا نَزْعم أنهما حَويَا كل مسائل الفقه.

قوله: (وَقَالَ دَاوُدُ (١)، وَأَبُو يُوسُفَ (٢): إِنَّ الصُّفْرَةَ وَالكُدْرَةَ لَا يمُونُ حَيْضًا إِلَّا بِأَثَرِ الدَّمِ).

المؤلف رَحِمَهُ اللهُ لم يدقق في رأي أبي يوسف، فقد سبق أن ذكرنا أنه وافق الجمهور في حكم الصفرة، فاعتبرها حيضًا في زمن الحيض، وَخَالفهم في حُكْم الكُدْرة فقال: لا بد من أن يتقدمها دمٌ؛ لتكون حيضًا.

قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: مُخَالَفَةُ ظَاهِرِ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ) (٣).


(١) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ٢٦٤)، حَيْث قال: وأما الصُّفرة والكدرة والدم الأحمر، فَسَيذكر في الكلام في الحيض -إن شاء الله- حكمه، وإنه ليس حيضًا ولا عرقًا، فإذا ليس حيضًا ولا عرقًا، فلا وضوء فيه، إذ لم يوجب في ذلك قرآن، ولا سنة، ولا إجماع". وانظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١/ ٣٢٥).
(٢) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٣٩) حيث قال: "وأما الكدرة … وقال أبو يوسف: لا يكون حيضًا، وجه قوله: إن الحيض هو الدم الخارج من الرحم لا من العرق، ودم الرحم يجتمع فيه في زمان الطهر، ثمَّ يخرج الصافي منه، ثم الكدر، ودم العرق يخرج الكدر منه أولًا، ثم الصافي، فينظر إنْ خَرَج الصافي أولًا، علم أنه من الرحم فيكون حيضًا، وإن خرج الكدر أولًا، علم أنه من العرق، فلا يكون حيضًا".
(٣) سيأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>