للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قضائها" وأقرأ النجم: إذا جاء وقت أفوله، وأقرأ: إذا جاء وقت طلوعه، كما قال الشاعر (١):

شَنِئْتُ الْعَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيلٍ … إِذَا هَبَّتْ لِقَارِئِهَا الرِّيَاحُ

بمعنى: هبت لوقتها وحين هبوبها.

وسمى بعض العرب وقت مجيء الطهر قرءًا، إذ كان وقت مجيئه وقتًا لإدبار الدم دم الحيض، وإقبال الطهر المعتاد مجيئه لوقتٍ معلومٍ، فقال في ذلك الأعشى ميمون بن قيسٍ:

وَفِي كُلِّ عَامٍ أَنْتَ جَاشِمُ غَزْوَةٍ … تَشُدُّ لِأَقْصَاهَا عَزِيمَ عَزَائِكَا

مُوَرَّثَةٍ مَالًا وَفِي الذِّكْرِ رِفْعَةً … لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا (٢)

فجعل القرء: وقت الطهر.

قوله: (وَأَمَّا مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْفَرِيقُ الثَّانِي مِنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ: فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] ظَاهِر فِي تَمَامِ كلِّ قُرْءٍ مِنْهَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ يَنْطَلِقُ اسْمُ الْقُرْءِ عَلَى بَعْضِهِ إِلَّا تَجَوُّزًا، وَإِذَا وُصِفَتِ الْأَقْرَاءُ بِأَنَّهَا هِيَ الْأَطْهَارُ أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ عِنْدَهُمْ بِقُرْأَيْنِ وَبَعْضِ قُرْءٍ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ تَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ الَّذِي تُطَلَّقُ فِيهِ وَإِنْ مَضَى أَكْثَرُه، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا اسْمُ الثَّلَاثَةِ إِلَّا تَجَوُّزًا، وَاسْمُ الثَّلَاثَةِ ظَاهِرٌ فِي كمَالِ كلِّ قُرْءٍ مِنْهَا، وَذَلِكَ لَا يَتَّفِقُ إِلَّا بِأَنْ تَكُونَ الْأَقْرَاءُ هِيَ الْحَيْضَ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِد عَلَى أَنَّهَا إِنْ طُلِّقَتْ فِي حَيْضَةٍ أَنَّهَا لَا تَعْتَدُّ بِهَا).

وسمى بعض العرب وقت مجيء الحيض قرءًا، إذا كان دمًا يعتاد


(١) البيت من الوافر، وهو لمالك بن الحارث الهذلي في شرح أشعار الهذليين (١/ ٢٣٩).
(٢) البيت من الطويل، انظر: الكامل، للمبرد (١/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>