للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتجوا بظاهر القرآن، وظاهر القرآن لا مدخل فيه لذوات الأقراء في الاعتداد بالأشهر، وإنما تعتد بالأشهر: اليائسة والصغيرة، فمن لم تكن يائسةً ولا صغيرةً فعدتها الأقراء وإن تباعدت.

وحجة مالكٍ: أن المرتابة تعتد بالأشهر؛ لأن في ذلك يظهر حملها على كل حالٍ، فلا يمكن أن يستمر الحمل في الشهر التاسع، فإذا استوقن أن لا حمل في هذه المدة، قيل: قد علمنا أنك لستِ مرتابةً، ولا من ذوات الأقراء، فاستأنفي ثلاثة أشهرٍ كما قال الله تعالى فيمن لسن من ذوات الأقراء قياسًا على أنَّ العدة بالشهور لصغرٍ إذا حاضت قبل تمام الثلاثة الأشهر علم أنها من ذوات الأقراء، فقيل لها: استأنفي الأقراء.

قوله: (وَكَانَ قَوْلُهُ: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: ٤] رَاجِعًا إِلَى الْحُكْمِ، لَا إِلَى الْحَيْضِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ مَالِكٌ عَلَيْهِ، فَكَأَنَّ مَالِكًا لَمْ يُطَابِقْ مَذْهَبُهُ تَأْوِيلَهُ الْآيَةَ، فَإِنَّهُ فَهِمَ مِنَ الْيَائِسَةِ هُنَا مَنْ تُقْطَعُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مَنْ أَهْلِ الْحَيْضِ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ السِّنِّ، وَلذَلِكَ جَعَلَ قَوْلَهُ: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: ٤] رَاجِعًا إِلَى الْحُكْمِ لَا إِلَى الْحَيْضِ - أَيْ: إِنْ شَكَكْتُمْ فِي حُكْمِهِنَّ -، ثُمَّ قَالَ فِي الَّتِي تَبْقَى تِسْعَةَ أَشْهُرٍ لَا تَحِيضُ وَهِيَ فِي سَنِّ مَنْ تَحِيضُ إِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ).

{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤] {إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ}، وقد أنكر ذلك بعض الناس، وقالوا: لو أراد ذلك لقال: (أن ارتبتم) بالفتح، لأن الارتياب ماض، وإنما تتعلق إن المكسورة بالاستقبال، والارتياب قد عدم بتعدد وجود النصِّ، وهذا الذي قاله ليس بصحيحٍ؛ لأن الارتياب لمن لا يعلم حكم الآية أو لمن لا يقرؤها ثابت إلى يوم القيامة.

وقد قال بعض أصحابنا: إن معنى {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: ٤] إذا ارتبتم، ويحتمل أن يريد بذلك (أن ارتبتم) في التأويل على أن العرب

<<  <  ج: ص:  >  >>