للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول: (وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ التَّمْيِيزَ لِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - لِفَاطِمَةَ بِنْتِ حُبَيْشٍ: "إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَف، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصلَاةِ، فَإِذَا كانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي فَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ" خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ (١)، وَإِنَّمَا ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أن عِدَّتهَا بِالشُّهُورِ إِذَا اخْتَلَطَ عَلَيْهَا الدَّم، لِأَنَّهُ مَعْلُوم فِي الْأَغْلَبِ أَنَّهَا فِي كلِّ شَهْرٍ تَحِيضُ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ الْعِدَّةَ بِالشُّهُورِ عِنْدَ ارْتِفَاعِ الْحَيْضِ وَخَفَاؤُهُ كَارْتِفَاعِهِ).

فهذا يبين لك أنَّ الدم إذا تميَّز كان الحكم له وإن كانت لها أيام معلومة، واعتبار الشيء بذاته وبخاصِّ صفاته أولى من اعتباره بغيره من الأشياء الخارجة عنه، فإذا عدمت التمييز فالاعتبار للأيام.

قوله: (وَأَمَّا الْمُسْتَرَابَةُ: - أَعْنِي: الَّتِي تَجِدُ حِسًّا فِي بَطْنِهَا تَظُنُّ بِهِ أَنَّهُ حَمْل -: فَإِنَّهَا تَمْكُثُ أَكثَرَ مُدَّةِ الحَمْلِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ: فَقِيلَ فِي الْمَذْهَبِ (٢): أَرْبَعُ سِنِينَ. وَقِيلَ: خَمْسُ سِنِينَ، وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ (٣): تِسْعَةُ أَشْهُرٍ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ انْقِضَاءَ عِدَّةِ الْحَوَامِلِ لِوَضْعِ حَمْلِهِنَّ - أَعْنِي: الْمُطَلَّقَاتِ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]، وَأَمَّا الزَّوْجَاتُ غَيْرُ الْحَرَائِرِ: فَإِنَّهُنَّ يَنْقَسمنَ أَيْضًا بِتِلْكَ


(١) أخرجه أبو داود (٣٠٤)، وقال الأرناؤوط: صحيحٌ من حديث عائشة، وهذا إسناد رجاله ثقات.
(٢) "الجامع لمسائل المدونة" (١٠/ ٥٧١) لأبي بكر الصقلي؛ حيث قال: "وإذا استبرأت معتدةً بحِسِّ بطنها جلست خمس سنين، فذلك أقصى كل عدةٍ يلحق فيها ولدًا، أو استبراء، وهذا في الطلاق والوفاة وغير ذلك. قال عبد الوهاب: وعنه في أكثر مدة الحمل ثلاث روايات: إحداها: أربع سنين، والثانية: خمس سنين، والثالثة: سبع سنين، وفائدة الخلاف امتداد التربّص بالمرتابة، وأن المطلقة إذا أتت بولدٍ لأكثر من مدة الحمل من وقت الطلاق لم يُلحق به".
(٣) يُنظر: "المحلى" (١٠/ ٥٤)؛ حيث قال: "فإنها تنتظر تسعة أشهر، فإن بان بها حمل فذلك، وإلا اعتدت بعد التسعة الأشهر ثلاثة أشهر ثم حلت".

<<  <  ج: ص:  >  >>