للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينهما وبين التي لم تطلق في ذلك، فعلمنا أنه لما استثنى النفقة منهن لذوات الأحمال أنها ليست التي يملك زوجها رجعتها.

قوله: (وَأَمَّا الَّذِينَ أَوْجَبُوا لَهَا السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ: فَإِنَّهُمُ احْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ الْمَذْكُورَةِ، وَفِيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ، وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ" (١)، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا إِسْقَاطَ السُّكْنَى، فَبَقِيَ عَلَى عُمُومِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦] وَعَلَّلُوا أَمْرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ بِأَنَّهُ كَانَ فِي لِسَانِهَا بَذَاءٌ (٢)).

فاحتجوا في سقوط نفقة المبتوتة: بالحديث المذكور عن فاطمة بنت قيسٍ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "ليس لك نفقةٌ" وأوجب عليها السكنى ثم نقلها عن موضعها لعلةٍ قال: وإنما أسكنها في بيت ابن أم مكتومٍ؛ لأنها كان في لسانها ذَرَبٌ.

قوله: (وَأَمَّا الَّذِينَ أَوْجَبُوا لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ: فَصَارُوا إِلَى وُجُوبِ السُّكْنَى لَهَا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦]. وَصَارُوا إِلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا لِكَوْنِ النَّفَقَةِ تَابِعَةً لِوُجُوبِ الْإِسْكَانِ فِي الرَّجْعِيَّةِ وَفِي الْحَامِلِ وَفِي نَفْسِ الزَّوْجِيَّةِ.


(١) أخرجه مسلمٌ (١٤٨٠).
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٥٨)؛ حيث قال: "عائشة كانت تقول وتذهب إلى أنَّ فاطمة بنت قيس لم يبح لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخروج من بيتها الذي طلقت فيه إلا لما كانت طلقت فيه من البذاء بلسانها على قرابة زوجها الساكنين معها في دار واحدةٍ، ولأنها كانت معهم في شرٍّ لا يطاق".

<<  <  ج: ص:  >  >>