للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِالْجُمْلَةِ: حَيْثُمَا وَجَبَتِ السُّكْنَى فِي الشَّرْعِ وَجَبَتِ النَّفَقَة، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ هَذَا: لَا نَدَعُ كتَابَ نَبِيِّنَا وَسُنَّتَهُ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ (١)، يُرِيدُ قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦] الْآيَةَ؛ وَلِأَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ سُنَّتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ أَوْجَبَ النَّفَقَةَ حَيْثُ تَجِبُ السُّكْنَى، فَلِذَلِكَ الْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِمَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ لَهَا الْأمْرَيْنِ جَمِيعًا مَصِيرًا إِلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْمَعْرُوفِ مِنَ السُّنَّةِ، وَإِمَّا أَنَّ يُخَصَّصَ هَذَا الْعُمُومُ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ الْمَذْكورِ).

من أثبت لها السكنى والنفقة، فتعلَّق بقول الله سبحانه: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}.

وأما النفقة فلأنها محبوسة عليه، وهذا عنده توجب لها النفقة.

قوله: (وَأَمَّا التَّفْرِيقُ بَيْنَ إِيجَابِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فَعَسِيرٌ، وَوَجْهُ عُسْرِهِ ضَعْفُ دَلِيلِهِ. وَيَنْبَغِي أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ تَكُونُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: فِي طَلَاقٍ، أَوْ مَوْتٍ، أَوِ اخْتِيَارِ الْأَمَةِ نَفْسَهَا إِذَا أُعْتِقَتْ (٢)، وَاخْتَلَفُوا فِيهَا فِي الْفُسُوخِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى وُجُوبِهَا).

اتفق الفقهاء كلهم على أنَّ العدة تجب على الزوجة من وقت موت الزوج، سواءٌ كان جامعها أو لم يكن قد جامعها، وسواءٌ كان قد دخل بها أو لم يدخل بها.

قوله: (وَلَمَّا كَانَ الْكَلَامُ فِي الْعِدَّةِ يَتَعَلَّقُ فِيهِ أَحْكَامُ عِدَّةِ الْمَوْتِ رَأَيْنَا أَنْ نَذْكُرَهَا هَا هُنَا، فَنَقُولُ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ


(١) أخرجه مسلمٌ (١٤٨٠).
(٢) يُنظر: "مراتب الإجماع" لابن حزم (ص: ٧٦)؛ حيث قال: "واتفقوا أن العدة واجبةٌ من موت الزوج الصحيح العقل، وسواء كان وطئها أو لم يكن وطئ، وسواء كان قد دخل بها أو لم يدخل بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>