للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِدَّةَ الْحُرَّةِ مِنْ زَوْجِهَا الْحُرِّ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ (١)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤]، وَاخْتَلَفُوا فِي عِدَّةِ الْحَامِلِ، وَفِي عِدَّةِ الْأَمَةِ إِذَا لَمْ تَأْتِهَا حَيْضَتُهَا فِي الأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَعَشْرٍ مَاذَا حُكْمُهَا؟ فَذَهَبَ مَالِكٌ (٢) إِلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ تَمَامِ هَذِهِ الْعِدَّةِ أَنْ تَحِيضَ حَيْضَةً وَاحِدَةً فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَهِيَ عِنْدَهُ مُسْتَرَابَةٌ، فَتَمْكُثُ مُدَّةَ الْحَمْلِ. وَقِيلَ عَنْهُ: إِنَّهَا قَدْ لَا تَحِيضُ، وَقَدْ لَا تَكُونُ مُسْتَرَابَةً، وَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ الْعِدَّةِ، وَهَذَا إِمَّا غَيْرُ مَوْجُودٍ - أَعْنِي: مَنْ تَكُونُ عَادَتُهَا أَنْ تَحِيضَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ - وَإِمَّا نَادِرٌ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِيمَنْ هَذِهِ حَالُهَا مِنَ النِّسَاءِ إِذَا وُجِدَتْ، فَقِيلَ: تَنْتَظِرُ حَتَّى تَحِيضَ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (٣): تَتَزَوَّجُ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ، وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ: أَبِي حَنِيفَةَ (٤)،


(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (٢/ ٤٤)؛ حيث قال: "وأجمع أهل العلم على أنَّ عدة الحرة المسلمة التي ليست بحاملٍ من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشرًا - مدخولًا بها وغير مدخولٍ بها - للصغيرة لم تبلغ، أو للكبيرة قد بلغت".
(٢) يُنظر: "الجامع لمسائل المدونة" لأبي بكر الصقلي (١٠/ ٥٦٠)؛ حيث قال: "قال مالكٌ: وعدة الحامل وضع آخر حمل في بطنها".
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٧٩)؛ حيث قال: "وروى ابن القاسم عن مالكٍ قال: إذا كانت عادتها في حيضتها أكثر من أمر العدة، ولم تسترب نفسها، ورآها النساء فلم يروا بها حملًا، تزوجت إن شاءت".
(٤) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود (٣/ ١٧٢)؛ حيث قال: " (وعدة الكل في الحمل وضعه)؛ لعموم قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، ولأن المقصود التعرف عن براءة الرحم، ولا براءة مع وجود الحمل، ولا شغل بعد وضعه، وإليه الإشارة بقول عمر - رضي الله عنه -: لو وضعت وزوجها على سريره لانقضت عدتها وحل لها أن تتزوج".

<<  <  ج: ص:  >  >>