للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفِرَاقُ مِنْ قِبَلِهِ إِلَّا الَّتِي سُمِّيَ لَهَا وَطُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ).

فمثلًا إن فرض لها بعد العقد، ثم طلقها قبل الدخول، فلها نصف ما فرض لها، ولا متعة عند بعضهم.

وقال بعضهم كأبي حنيفة: أن لها المتعة، يسقط المهر؛ لأنه نكاح عري عن تسميته، فوجبت به المتعة، كما لو لم يفرض لها.

ولكن الله تعالى يقول: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}.

قوله: (وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٤٩)} [الأحزاب: ٤٩]، فَاشْتَرَطَ الْمُتْعَةَ مَعَ عَدَمِ الْمَسِيسِ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧]، فَعُلِمَ أَنَّه لَا مُتْعَةَ لَهَا مَعَ التَّسْمِيَةِ وَالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ؛ لِأنَّهُ إِذَا لَمْ يَجِبْ لَهَا الصَّدَاقُ فَأَحْرَى أَنْ لَا تَجِبَ لَهَا الْمُتْعَة، وَهَذَا لَعَمْرِي مُخَيِّلٌ، لِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يجِب لَهَا صَدَاقٌ أُقِيمَتِ الْمُتْعَةُ مَقَامَه، وَحَيْثُ رَدَّتْ مِنْ يَدِهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ).

كأن أبا حنيفة رحمه الله يقول: وجدنا النساء في المتعة على ثلاثة أنواع، فكانت الآية التي فيها ذكر المعين لنوعين منهنَّ من المطلقات بعد الدخول إن كان فُرض لها صداقٌ أو لم يُفرض، والمطلقات قبل الدخول مع تسمية صداقهن، فلأولئك المهور كوامل بالمسيس، ولهؤلاء الشطر منها بالتسمية، فلما صار هذان الحقان واجبين، كانت المتعة حينئذٍ تَقْوى من الله غير واجبةٍ، ووجدنا الآية التي فيها ذكر المُوسِر والمُقْتر هي للنصف الثالث، وهي للمُطلَّقات من غير دخولٍ بهنَّ ولا فَرْضٌ لهُنَّ، وذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>