للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّشَاجُرِ - أَعْنِي: الْمُحِقَّ مِنَ الْمُبْطِلِ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: ٣٥] الْآيَةَ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحَكَمَيْنِ لَا يَكُونَانِ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ (١): أَحَدُهُمَا مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ، وَالْآخَرُ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ، إِلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ فِي أَهْلِهِمَا مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ فَيُرْسَلُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحَكَمَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا لَمْ يَنْفُذْ قَوْلُهُمَا (٢)، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا نَافِذٌ بِغَيْرِ تَوْكيلٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ (٣)).

لو أن رجلًا وامرأته اشتكيا إلى السلطان، وكل واحدٍ منهما يدعي أن صاحبه مضرٌّ به فلم يتبين للسلطان من الناشز منهما، والناشز منهما هو المبغض المسيء الصحبة لصاحبه، فإذا جهل ذلك من أمورهما وجب على السلطان أن يبعث رجلًا صالحًا من أهل الزوجة، وآخر من أهل الزوج، فيحكمهما بين ذلك الرجل وامرأته، ويفوض إليهما أمرهما.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْرِيقِ الْحَكَمَيْنِ بَيْنَهُمَا إِذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ هَلْ يُحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ مِنَ الزَّوْجِ أَوْ لَا يُحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ (٤): يَجُوزُ قَوْلُهُمَا فِي الْفُرْقَةِ وَالاجْتِمَاعِ بِغَيْرِ تَوْكيلِ الزَّوْجَيْنِ وَلَا


(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (٢/ ٢٩)؛ حيث قال: "وأجمعوا أنهما لا يكونان إلا من أهل الزوجين، إلا أن لا يوجد في أهلها من يصلح لذلك، فيبعث من غيرهما".
(٢) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (٢/ ٢٩)؛ حيث قال: "وأجمعوا أن الحكمين إذا اختلفا لم ينفذ قولهما".
(٣) الإقناع في مسائل الإجماع (٢/ ٢٩)؛ حيث قال: "وأجمعوا أن قولهما نافذٌ في الجمع بينهما بغير توكيلٍ من الزوجين".
(٤) "المعونة على مذهب عالمٍ المدينة" للقاضي عبد الوهاب (ص: ٨٧٦)؛ حيث قال: "إنهما إن رأيا أن يفرقا فرقًا لا على طريق التوكيل بل على وجه الحكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>