للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنْ طَلَّقَاهَا ثَلَاثًا، وَالْأَصْلُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الرَّجُلِ إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ بِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا أَنَّهُ قَالَ لِلْحَكَمَيْنِ: هَلْ تَدْرِيَان مَا عَلَيْكُمَا؟ إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقًا فَرَّقْتُمَا، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: رَضِيتُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِمَا فِيهِ لِي وَعَلَيَّ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا وَاللَّهِ لَا تَنْقَلِبُ حَتَّى تُقِرَّ بِمِثْلِ مَا أَقَرَّتْ بِهِ الْمَرْأَةُ (١)، قَالَ: فَاعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ إِذْنَه، وَمَالِكٌ يُشَبِّهُ الْحَكَمَيْنِ بِالسُّلْطَانِ، وَالسُّلْطَانُ يُطَلِّقُ بِالضَّرَرِ عِنْدَ مَالِكٍ إِذَا تبَيَّنَ).

إن رأيا أن يفرقا بينهما على ألا يأخذ واحدٌ منهما من صاحبه شيئًا فعلاه، وإن رأيا أن يأخذ الرجل من المرأة شيئًا ويطلقاها عليه فَعَلا، وإن رأيا أن يقرَّاهما على نكاحهما فعَلا، فإن رأيا أن يطلقاها عليه بواحدةٍ فَعَلا، ولا يطلقاها عليه بأكثر من واحدةٍ في قول بعضهم.

وقال آخرون: ما طلقا به من واحدةٍ أو ثلاثٍ لزم الزوج.


= واحدٌ اثنتين والآخر ثلاثًا؟ قال: قد اجتمعا على الواحدة فما زاد فهو خطأ؛ لأنهما لم يدخلا بما زاد على الواحدة أمرًا يدخلان به صلاحًا للمرأة وزوجها إلا والواحدة تجزئ من ذلك، وكذا لو حكم واحدٌ بواحدةٍ والآخر بالبتة؛ لأنهما مجتمعان على الواحدة، وانظر كلما حكم به أحدهما هو الأكثر مما حكم به صاحبه على أنهما قد اجتمعا منه على ما اصطلحا مما هو صلاحٌ للمرأة وزوجها، فما فوق ذلك من الطلاق باطلٌ. قلت: وكذلك لو حكما جميعًا واجتمعا على اثنتين أو ثلاث؟ قال: هو كما وصفت من أنهما لا يدخلان بما زاد على الواحدة لهما صلاحًا، بل قد أدخلا مضرةً وقد اجتمعا على الواحدة فلا يلزم الزوج إلا واحدة".
(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>