للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والإيلاء في اللغة: هو القَسَم، تقول: (آليتُ أن أَفعَل كذا)، أي: أقسَمتُ وحلَفتُ أن أَفعلَه، وتقول: (آليتُ ألا أَفعَل كذا)، أي: أقسَمتُ ألا أَفعَلَه.

وفي الشرع: أن يَحلِف الرجل ألَّا يطأ زَوجَتَهُ مدَّة أربعة أشهُرٍ، أو أكثر مِن أربعةِ أَشهُرٍ، وَفْقَ الخلاف الموجود بين العلماء في هذه المسألة.

وجمهور أهل العلم قد ذهبوا إلى أن الإيلاء هو الحلف على عدم وطءِ الزوجة أكثر من أربعة أشهر (١)، أمَّا القول الآخر بأن الإيلاء يكون أربعة أشهر إنما هو مذهب الأحناف (٢) كما سيأتي، ولذلك أَوْرَدَ المؤلِّف قول الجمهور أوَّلًا.


(١) مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير للدردير ومعه حاشية الدسوقي" (٢/ ٤٢٧)، حيث قال: " (قوله: بمنع وطء زوجته)، أي: سواء كانت اليمين صريحة في منع الوطء نحو: والله لا أطؤك أكثر من أربعة أشهر أو مستلزمة لذلك كحلفه أن لا يلتقي معها أو لا يغتسل من جنابة منها".
مذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٨/ ١٥٨ - ١٥٩)، حيث قال: " (حلف زوج يصح طلاف) بالله أو صفة له كما يأتي في الأيمان أو بما ألحق بذلك مما يأتي (ليمتنعن من وطئها)، أي: الزوجة ولو رجعية ومتحيرة لاحتمال الشفاء ومحرمة لاحتمال التحلل لنحو حصر وصغيرة بشرطها الآتي سواء أقال في الفرج أم أطلق وسواء أقيد بالوطء الحلال أم سكت عن ذلك (مطلقًا) بأن لم يقيد بمدة، وكذا إن قال: أبدًا أو حتى أموت أنا أو زيد أو تموتي ولا يرد عليه؛ لأنه لاستبعاده كالزائد على الأربعة، ولو قال: لا أطأ، ثم قال: أردت شهرًا مثلًا دين (أو فوق أربعة أشهر)، ولو بلحظة لقوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} ".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ١٥٥)، حيث قال: " (حلف زوج يمكنه الوطء بالله تعالى أو بصفته)، أي: الله تعالى كالرحمن والرحيم ورب العالمين وخالقهم (على ترك وطء زوجته) لا أمته أو أجنبية (الممكن جماعها في قبل أبدًا أو يطلق أو فوق أربعة أشهر) ".
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "الهداية" للمرغيناني (٢/ ٢٥٩)، حيث قال: "وإذا قال الرجل لامرأته: والله لا أقربك، أو قال: والله لا أقربك أربعة أشهر فهو مول" لقوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] الآية "فإن وطئها في الأربعة الأشهر حنث في يمينه ولزمته الكفارة"؛ لأن الكفارة موجب الحنث، "وسقط الإيلاء"؛ لأن اليمين ترتفع بالحنث، وإن لم يقربها حتى مضت أربعة أشهر بانت منه بتطليقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>