للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَمِنْهَا: هَلِ المُولِي هُوَ الَّذِي قَيَّدَ يَمِينَهُ بِمُدَّةٍ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَقَطْ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ؟ أَوِ المُولِي هُوَ الَّذِي لَمْ يُقَيِّدْ يَمِينَهُ بِمُدَّةٍ أَصْلًا؟ وَمِنْهَا: هَلْ طَلَاقُ الإِيلَاءِ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ؟ وَمِنْهَا: إِنْ أَبَى الطَّلَاقَ وَالفَيْءَ، هَلْ يُطَلِّقُ القَاضِي عَلَيْهِ أَمْ لَا؟).

إنما القاضي حَكَمٌ، ولذلك فالأمور التي تصل إليه عند احتدام النزاع بين طرفين إما أن تكون أمورًا يستقيم فيها الصلح، وإما أن تكون من الأمور التي لا بد من الحُكم فيها لصالح طرفٍ من الأطراف.

ولا شكَّ أن القاضي يسعى إلى الصلح في المقام الأول طالما كان الأمر يمكن الصلح فيه، كما هو الحال في بعض ما يتعلق بالمال أو القصاص؛ لأنَّ الله تعالى يقول: {وَألصُّلْحُ خَيْرٌ}، والرسول - صلى الله عليه وسلم - حَضَّ على الصلح ورَغَّبَ فيه وَأَصْلَحَ بين عددٍ من المسلمين (١)، ولأن هذا هو منهج أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومنهج أئمة الإسلام منذ القِدَم وحتى يومنا هذا.

ولا شكَّ أن خروج الخصمين وهما متحابّان متراضيان - إذا أمكن الصلح بينهما - أحسن وأجمل من أن يخرج أحدهما راضيًا ويخرج الآخر غاضبًا، وإن كان الأجدر بالمؤمن أن يرضى بالحُكم ولو كان لخصمه، فالله سبحانه وتعالى يقول: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)}، ومن شأن المسلم أن يكون مستجيبًا لِحُكم الله دائمًا، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}.

قوله: (وَمِنْهَا: هَلْ يَتَكَرَّرُ الإِيلَاءُ إِذَا طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا مِنْ غَيْرِ إيلَاءٍ حَادِثٍ فِي الزَّوَاجِ الثَّانِي؟).


(١) أخرج أبو داود (٣٥٩٤) وغيره عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصلح جائز بين المسلمين"، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (١٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>