للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: النَّقْصُ الدَّاخِلُ عَلَى الإِيلَاءِ مُعْتَبَرٌ بِالنِّسَاءِ لَا بِالرِّجَالِ كَالعِدَّةِ، فَإِنْ كَانَتِ المَرْأَةُ حُرَّةً، كَانَ الإِيلَاءُ إِيلَاءَ الحُرِّ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَعَلَى النِّصْفِ (١)).

والسبب في ذهاب أبي حنيفة إلى هذا القول هو أن الإيلاء إنما يقع على المرأة، فكان الاعتبار عنده بالمرأة لا بالرجل.

وهذا القول يَرُدُّه أن الآية مُطلَقَةً لم تُقَيِّد، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُبَيِّن ذلك، والقاعدة الأصولية تنصّ على عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة (٢)، استنادًا لقوله تعالى عن نبيه عليه الصلاة والسلام: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}، فلا يمكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يؤخر بيانَ أمرٍ يحتاج إليه المسلمون؛ لأنه هو المُبَيِّنُ لكتاب الله عزَّ وجلَّ، كما قال تعالى: {لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ}.

- قوله: (وَقِيَاسُ الإِيلَاءِ عَلَى الحَدِّ غَيْرُ جَيِّدٍ).

فالأظهر أنهم يقيسون الإيلاء على الطلاق والعدة لا على الحَدِّ.


= امرأته أجل سنة ثم خيرت إلا أن يطلقها عند الأربعة الأشهر، فإن طلقها ثم راجعها في العدة عاد الإيلاء عليه وخيرت عند السنة في المقام معه أو فراقه".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٦٧٦)، حيث قال: "فإن ادعت امرأة عنة زوجها (وأقر بالعنة أو ثبتت) عنته (ببينة) قال في "المبدع": فإن كان للمدعي بينة من أهل الخبرة والثقة عمل بها، (أو عدمًا)، أي: الإقرار والبينة (فطلبت يمينه فنكل) عن اليمين (ولم يدع وطئًا) قبل دعواها (أجل سنة هلالية) ولو عبدًا (منذ ترافعه) ".
(١) يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٣/ ٤٢٤)، حيث قال: " (قوله: وللأمة شهران) يعم ما لو كان زوجها حرًّا، ولو أعتقت في أثناء المدة بعدما طلقت انتقلت إلى مدة الحرائر نهر، ومثله في البدائع".
(٢) يُنظر: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (٣/ ٣٢)، حيث قال: "في جواز تأخير البيان: أما عن وقت الحاجة، فقد اتفق الكلُّ على امتناعه سوى القائلين بجواز التكليف بما لا يطاق".

<<  <  ج: ص:  >  >>