أما حُكْمُ الظِّهار فإن تحريمه قد جاء بصريح نَصِّ القرآن الكريم، في قوله تعالى:{وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا}[المجادلة: ٢]، فكونه سبحانهُ وتعالى سَمَّى هذا العَمَلَ منكَرًا وزورًا إنما هو دليلٌ على تحريمه في الشرع، ولذلك فإن الظِّهارَ إنما يقع ممن يصحّ طلاقه، والذي يصحّ طلاقه إنما هو المكلَّف البالغ العاقل - على الخلاف المعروف في الصغير والسكران -.
ولذا فإنه لا ينبغي للمسلم أن يقع في هذا الصنيع.
وقد أَنكَرَ الله سبحانهُ وتعالى ذلك الصَّنِيعَ وذَمَّهُ كما في قوله سبحانهُ وتعالى في سورة الأحزاب:{مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ}[الأحزاب: ٤].
فهذه الآية والآية التي أوردها المؤلِّف هما أصل الظهار من الكتاب الكريم.
قوله: (وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَحَدِيثُ خَوْلَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ: "ظَاهَرَ مِنِّي زَوْجِي أُوَيْسُ بْنُ الصَّامِتِ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَشْكُو إِلَيْهِ، وَرَسُولُ اللهِ يُجَادِلُنِي فِيهِ، وَيَقُولُ: "اتَّقِي اللهَ، فَإِنَّهُ ابْنُ عَمِّكِ" … ).
وأمَّا أصله مِن السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ فحديث خولة - الذي ذَكَرْنَاهُ - والتي كانت قد تَأَلَّمَتْ من ظِهار زوجِها إلى الحَدِّ الذي جَعَلَها تَتَنَقَّلُ من جانبٍ إلى جانبٍ، بحيثُ تأتي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هاهنا فيجيبها بما لديه، فتأتيه من هاهنا، واستمَرَّت هكذا إلى أن نَزَلَ الوحيُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعرفَت ذلك عائشةُ في وَجْهِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَتْهَا أن تَتَنَحَّى حتى نَزَلَت آيات سورة المجادلة.