للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإلى جانب وقوع الظِّهار رَتَّبَ النَّصُّ القرآنيُّ الكفارةَ على وجود العودة أيضًا.

- قوله: (وَأَيْضًا فَمِنْ طَرِيقِ القِيَاسِ، فَإِنَّ الظِّهَارَ يُشْبِهُ الكَفَّارَةَ فِي اليَمِينِ، فَكَمَا أَنَّ الكَفَّارَةَ إِنَّمَا تَلْزَمُ بِالمُحَافَظَةِ أَوْ بِإِرَادَةِ المُخَالَفَةِ، كلذَلِكَ الأَمْرُ فِي الظِّهَارِ، وَحُجَّةُ مُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ: أَنَّهُ مَعْنًى يُوجِبُ الكَفَّارَةَ العُلْيَا، فَوَجَبَ أَنْ يُوجِبَهَا بِنَفْسِهِ لَا بِمَعْنًى زَائِدٍ تَشْبِيهًا بِكَفَّارَةِ القَتْلِ وَالفِطْرِ).

والكفارات إنما هي نوعان: مُخَفَّفَةٌ وَمُغَلَّظَةٌ، فالكفارة المُخَفَّفَةُ ككفارة اليمين التي ذَكَرَهَا اللهُ في سورة المائدة في قوله سبحانهُ وتعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: ٨٩]، حيث جَعَلَ اللهُ فيها الخيارَ، أما الكفارة المغلَّظة فهي ككفارة الظِّهار أو القتل أو الفطر بالجِماع في نهار رمضان، فكلّ هذه الكفارات كفارات مغلَّظة، فكَفَّارةُ الظِّهار كفَّارةٌ عليا، أي: مُغَلَّظَة، ولذا فإنها على الترتيب لا على التخيير ككفارة اليمين، فترتيب الكفارات في الظهار يبدأ بأشد الكفارات، وهو تحرير رقبة، ثم إن لم يجد صام شهرين متتابعين، وإن أَخَلَّ بالشهرين لزمه استئناف الصيام من جديدٍ إلا أن يكون قد تخلله يومٌ لا يجوز صيامه - كيوم العيد مثلًا -، ثم إن لم يستطع الصيام أَطْعَمَ ستين مسكينًا.

- قوله: (وَأَيْضًا قَالُوا: إِنَّهُ طَلَاقُ الجَاهِلِيَّةِ، فَنُسِخَ تَحْرِيمُهُ بِالكَفَّارَةِ).

فالظهار في الجاهلية إنما كان طلاقًا؛ لِمَا ثَبَتَ عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - (١):


(١) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (٢٢/ ٤٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>