للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ذلك إنما هو أَخْذُ المؤلِّفِ تعليل العلماء على ظاهِره وعدم إدراكه له، ولكن قولهم ليس ضعيفًا على الحقيقة، بل هو أقرب إلى النَّصِّ، وله من الشواهد ما يؤيده، وسيأتي ذِكر هذه الشواهد.

- قوله: (قَالُوا: وَلَوْ كَانَ العَوْدُ نَفْسُهُ هُوَ الإِمْسَاكَ، لَكَانَ الظِّهَارُ نَفْسُهُ يُحَرِّمُ الإِمْسَاكَ، فَكَانَ الظِّهَارُ يَكُونُ طَلَاقًا).

والقول بأن العَوْدَ هو الإمساكُ إنما هو قول الشافعية (١).

- قوله: (وَبِالجُمْلَةِ: فَالمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ فِي هَذه المَسْأَلَةِ هُوَ الطَّرِيقُ الَّذِي يُعَرِّفُهُ الفُقَهَاءُ بِطَرِيقِ السَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ (٢)).

والسَّبر والتقسيم إنما هو الطريق الثالث من طرق العلة ومسالكها، بعد الاستدلال بكتاب الله عزَّ وجلَّ وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

فالأدلَّة من حيثُ الجملة تنقسم إلى أدلة عقلية وأدلة نقلية؛ فالنقلية: ما جاء من كتابٍ أو سُنَّةٍ أو إجماعٍ، أما العقلية: فما يُعرَفُ بالرأي أو القياس، أما السبر والتقسيم فليس دَليلًا نقليًّا، ولكنه مُستَنبَطٌ من الدليل، فليس دليلًا إذن مستقلًّا بذاته، وإنما هو دليلٌ مُستَخرَجٌ من الأدلة، ومن خلال السبر والتقسيم استطاع العلماء معرفة علل الأحكام.

- قوله: (وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى العَوْدِ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ تَكْرَارَ اللَّفْظِ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) السبر والتقسيم، وهو في اللغة: الاختبار، ومنه الميل الذي يختبر به الجرح، فإنه يقال له: المسبار، وسمي هذا به؛ لأن المناظر يقسم الصفات ويختبر كل واحدة منها (في أنه) هل تصلح للعلية أم لا؟
وفي الاصطلاح هو قسمان:
أحدهما: أن يدور بين النفي والإثبات، وهذا هو المنحصر.
والثاني: أن لا يكون كذلك، وهذا هو المنتشر. انظر: "إرشاد الفحول" للشوكاني (٢/ ١٢٤، ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>