وهذا قول الظاهرية في معنى العَوْدِ: أنه تَكرار لفظ الظِّهار مرةً ثانيةً، بمعنى أن يقول مرةً أخرى:(أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي)، بحيثُ إن كَرَّرَهُ صار عائدًا عن الظِّهار وَلَزِمَتْهُ الكفارة، وإن لم يُكَرِّرْ فحينئذٍ لم يكن مُظاهِرًا ولا عائِدًا عن الظِّهار، فلا توجَبُ عليه كَفَّارَتُهُ.
وهو قولٌ ضعيفٌ، ليس عليه دليلٌ من كتابٍ ولا سُنَّةٍ.
رواية الإمام مالكٍ التي يقصدها المؤلف هاهنا هي القول بأن العَوْدَ هو العزم على الوطء (١)، بمعنى: أن الكفارة تجب على المُظاهِر بمجرد عزمه على الوطء؛ لأن الله سبحانهُ وتعالى قال:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}[المجادلة: ٣]، أي: مِن قبل أن يحدث الجماع، وهو دليل على أن الكفارة تسبق الجماع؛ لأن الله سبحانهُ وتعالى قَيَّدَ الوَطءَ بأداء الكفَّارة أَوَّلًا، ولذا قال مالكٌ:"هو إرادة الجماع".
فهناك وطءٌ، وهناك إرادة الوطء، وكون العَود هو الوطء متعذرٌ؛ لأن الوطءَ مشروطٌ بأداء الكفارة، فيبقى أن المراد بالعَودِ إرادة الوطء؛ لأن المُظاهِرَ إذا أراد الوطءَ فإنما يُكَفِّرُ قبله.
والمؤلِّف قد قال بِضَعْفِ قول القائلين بأن العَود هو الوطء؛ والسبب