للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا رُؤْيَةُ القَصَّةِ البَيْضَاءِ: فَثبَت في أثَر عَائشةَ -رضي الله عنها- السابق ذكرُهُ (١).

وسواء قلنا برُؤْيَة القَصَّةِ البَيْضَاءِ أَوِ بالجُفُوفِ: فلا تعارض، المهم أن ينقطع دم الحيض وينتهي.

قوله: (وَسَوَاء أَكَانَتِ المَرْأَةُ مِمَّنْ عَادَتُهَا أَنْ تَطْهُرَ بِالقَصَّةِ البَيْضَاءِ، أَوْ بِالجُفُوفِ).

يعني المؤلف -رَحِمَه اللهُ-: أن بعضَ النساء بعد الحيض -أو النِّفاس- مباشرةً يجف ذلك الدم وينتهي، وَلَكن لا ترى القصة البيضاء التي هي هذه الرُّطوبة؛ والذي هو ماءٌ أبيضُ يُشْبه الجصَّ، وبعضهنَّ يرين القصة البيضاء، وليسَ هذا الأمرُ قاصرًا على الحيض؛ فإنَّ امرأةً ولَدت على زمن رَسُول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، ولم ترَ الدمَ، فسُمِّيت بالجفوف، لأنها لَمْ تَرَ دمًا في ذلك.

قوله: (أَيُّ ذَلِكَ رَأَتْ، طَهُرَتْ بِهِ. وَفَرَّقَ قَوْم؛ فَقَالُوا: إِنْ كانَتِ المَرْأَةُ مِمَّنْ تَرَى القَصَّةَ البَيْضَاءَ: فَلَا تَطْهُرُ حَتَّى تَرَاهَا، وَإِنْ كانَتِ المَرْأَةُ مِمَّنْ لَا تَرَاهَا فَطُهْرُهَا الجُفُوفُ؛ وَذَلِكَ فِي "المُدَوَّنَةِ" عَنْ مَالِكٍ (٢)، وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ رَاعَى العَادَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَاعَى انْقِطَاعَ الدَّمِ فَقَطْ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الَّتِي عَادَتُهَا الجُفُوفُ، تَطْهُرُ بِالقَصَّةِ البَيْضَاءِ، وَلَا تَطْهُرُ الَّتِي عَادَتُهَا القَصَّةُ البَيْضَاءُ بِالجُفُوفِ، وَقَدْ قِيلَ بِعَكْسِ هَذَا؛ وَكُلُّهُ لِأَصْحَابِ مَالِكٍ).

هَذِهِ مسألة أيضًا نعتبرها من فروع مذهب الإمام مالك، وقد ركَّز المؤلف -رَحِمَه اللهُ- فيها على مذهب المالكية.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) ينظر: "المدونة" لمالك (١/ ١٥٢)، حيث قال: "إذا علمت أنها أظهرت اغتسلت: إن كانت ممن ترى القصة البيضاء فحين ترى القصة، وإن كانت لا ترى القصة، فحين ترى الجفوف تغتسل وتصلي".

<<  <  ج: ص:  >  >>