للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد ذكر ابن القيِّم -رَحِمَه اللهُ- أن علماء عصره انْشَغلوا بدراسة علوم الآلات، وَهِيَ علوم توصل لغيرها؛ فمَنْ أراد دراسة الفقه، عليه أن يدرس ما يعرف بـ "المدخل لدراسة التشريع الإسلامي"، أو "المدخل لدراسة الفقه"، فمثل هذه الكتب ينفذ الدارس لها إلى تعلم علم الفقه.

ومن علوم الآلة: علم النحو، وعلم الصرف، وعلم البلاغة.

فالسلف الصالح: لَمْ يكونوا بحاجةٍ لتعلم مثل هذه العلوم، لاستغنائهم عنها جبلةً وسليقةً بخلاف العلماء في زمن ابن القيم -رَحِمَه اللهُ-، وفيهم أكابر العلماء كابن تيمية -رَحِمَه اللهُ-، وبعدهم فطاحلة العلماء وجهابذتهم كابن حجر والعيني وغير هؤلاء، هؤلاء كانوا في ذلك الزمن يَدْرسون علوم الآلة، ويشتغلون بها بإقرار ابن القيم -رَحِمَه اللهُ-، فمَا بالكم في وقتنا وزمننا هذا؟! فالطالب اليوم يدرس له في المدارس علم النحو من السنة الرابعة إلى أن يتخرج من الكليَّة، ربما تَسْتغرق دراسته له اثني عشر عامًا! ومَعَ ذَلكَ: قَدْ لا يهضمه نظريًّا، ولا يُحْسن تطبيقه عمليًّا؛ بل ربما يُخْطئ كثيرًا في الكَلَام؛ فَهَذا نُشَاهده في المُتَخرجين في الكليَّات، وَممَّن يحملون مؤهلاتٍ!

ومن أسباب ذلك: أنهم ما كانوا يُعْنون بالتطبيق، بل كانوا يحفظون القواعد فقط ثم ينسونها!

والقصد من تعلُّم النحو: هو تقويم اللسان، بخلاف مَنْ يتعلم النحو ليتخصص فيه، فَهَذا يطلبه نظريًّا، ويحسن تطبيقه عمليًّا.

قوله: (المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ فِي عَلَامَةِ الطُّهْرِ؟ فَرَأَى قَوْمٌ أَنَّ عَلَامَةَ الطُّهْرِ رُؤيَةُ القَصَّةِ البَيْضَاءِ، أَوِ الجُفُوفِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ) (١).


(١) يُنظر: "النوادر والزيادات" لابن أبي زيد (١/ ١٢٨) حيث قال: "قال ابن حبيب: القصة ما ابيضَّ، علم للطهر، ومنهن مَنْ ترى الجفوف، فتلك لا يطهرها القصة، وأما التي علامتها القصة، فترى الجفوف، فذلك طهرٌ لها؛ لأن الحيض أوله دم، ثم صفرة، ثم ترية، ثم كدرة، ثم يصير رقيقًا كالقصة، ثم ينقطع".

<<  <  ج: ص:  >  >>