للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِمْسَاكِ، وَتَأَوَّلَ مَعْنَى اللَّامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: ٣] بِمَعْنَى الفَاءِ).

وهنا يبين المؤلف أن هناك فرقًا في المعنى بين (يعودون لما قالوا)، و: (يعودون فيما قالوا).

- قوله: (وَأَمَّا مَنِ اعْتَمَدَ الظَّاهِرَ، فَإِنَّهُ جَعَلَ العَوْدَةَ تَكْرِيرَ اللَّفْظِ، وَأَنَّ العَوْدَةَ الثَّانِيَةَ إِنَّمَا هِيَ ثَانِيَةٌ لِلْأُولَى الَّتِي كانَتْ مِنْهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ. وَمَنْ تَأَوَّلَ أَحَدَ هَذَيْنِ، فَالأَشْبَهُ لَهُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ بِنَفْسِ الظِّهَارِ تَجِبُ الكَفَّارَةُ كمَا اعْتَقَدَ ذَلِكَ مُجَاهِدٌ (١)).

وهذا القول إنما هو قولٌ ضعيفٌ، وقد بَيَّنَّا ذلك.

- قوله: (إِلَّا أَنْ يُقَدِّرَ فِي الآيَةِ مَحْذُوفًا، وَهُوَ إِرَادَةُ الإِمْسَاكِ، فَهُنَا - إِذًا - ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ. إِمَّا أَنْ تَكُونَ العَوْدَةُ هِيَ تَكْرَارَ اللَّفْظِ، وإِمَّا أَنْ تَكُونَ إِرَادَةَ الإِمْسَاكِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ العَوْدَةَ الَّتِي هِيَ فِي الإِسْلَامِ، وَهَذَانِ يَنْقَسِمَانِ قِسْمَيْنِ: - أَعْنِي: الأَوَّلَ وَالثَّالِثَ - أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَدِّرَ فِي الآيَةِ مَحْذُوفًا، وَهُوَ إِرَادَةُ الإِمْسَاكِ، فَيُشْتَرَطُ هَذِهِ الإِرَادَةُ فِي وُجُوبِ الكَفَّارَةِ، وَإِمَّا أَلَّا يُقَدِّرَ فِيهَا مَحْذُوفًا، فَتَجِبُ الكَفَّارَةُ بِنَفْسِ الظِّهَارِ.

وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا البَابِ فِي فُرُوعٍ، وَهُوَ: هَلْ إِذَا طَلَّقَ قَبْلَ إِرَادَةِ الإِمْسَاكِ، أَوْ مَاتَتْ عَنْهُ زَوْجَتُه، هَلْ تَكُون عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا؟).

فهذه مسألة من المسائل، وقد اختلف أهل العلم فيها فيما إذا كانت الكفارة تجب أم لا على المُظاهِر إذا طَلَّقَ زوجتَه بعد الظِّهار وقبل إرادة إمساكها، وكذلك فيما إذا كانت الكفارة تجب عليه لو ماتت زوجته بعد الظِّهار وقبل إرادة إمساكها.


(١) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>