للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من باب التشبيه بالطلاق؛ لأن الإنسان لو طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طلاقًا بائنًا فإنها حينئذٍ لا تحلّ له - كما هو معلومٌ - حتى تَنكِحَ زوجًا غيره، بحيث لو تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ ثم طَلَّقَهَا هذا الزوجُ الآخَر، فإنها حينئذٍ إذا عادت لزوجها الأول تعود إليه صافيةً دون أيّ طلاقٍ.

فهل هذا يُشَبَّهُ بذاك أم لا؟

- قوله: (وَأَحْسَبُ أَنَّ مِنَ الظَّاهِرِيَّةِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ كُلَّهُ هَادِمٌ).

ولفظ: (أحسب)، يَتَنَزَّلُ أحيانًا منزلة العِلم فَتُفِيدُ معنى اليقين، وأحيانًا تتنزل منزلة الظَّنِّ وهو قريب من اليقين وأعلى منزلةً من الوهم والشكِّ، أما ما يريده المؤلِّف بالحُسبان هاهنا إنما هو الحقيقة واليقين.

قال المصنف رحمه الله تعالى:


= مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (٤/ ٤٧٧)، حيث قال: " (ولو طلق) الزوج الحرّ (دون ثلاث وراجع) من طلقها (أو جدد) نكاحها (ولو بعد زوج) وإصابة كما في بعض نسخ المحرر (عادت ببقية الثلاث) أما إذا لم يكن بعد زوج فبالإجماع، وأما بعد الزوج فخالف في ذلك أبو حنيفة وقال: تعود بالثلاث؛ لأن الزوج يهدم الثلاث فما دونها، واحتجَّ أصحابنا بأنها إصابة ليست بشرط في الإباحة فلم تؤثر كوطء السيد أمته المطلقة، وبهذا قال أكابر الصحابة كما قاله ابن المنذر: منهم عمر - رضي الله عنه - ولم يظهر لهم مخالف، (وإن ثلث) الطلاق بأن طلقها أثلاثًا وجدد نكاحها بعد زوج دخل بها وفارقها وانقضت عدتها منه (عادت بثلاث) بالإجماع؛ لأن دخول الثاني أفاد حل النكاح للأول، ولا يمكن بناؤه على العقد الأول فثبت نكاح مستفتح بأحكامه".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ١٤٩ - ١٥٠)، حيث قال: " (ومتى اغتسلت) رجعية (من حيضة ثالثة ولم يرتجعها) قبله (بانت ولم تحل إلا بنكاح جديد) إجماعًا لمفهوم قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: ٢٢٨]، أي: العدة. (وتعود) إليه الرجعية إذا راجعها والبائن إذا نكحها (على ما بقي من طلاقها ولو) كان عودها (بعد وطء زوج آخر) غير المطلق في قول أكابر الصحابة".

<<  <  ج: ص:  >  >>