والظهار لا يُقصدُ منه الإضرار بالمرأة وإلحاق الأذى بها - كما هو معلومٌ -، وكما أن سلمة بن صخر لم يكن يقصد ذُلًّا عندما ظاهَرَ من امرأته، وإنما كان يقصد إلى تحصين نفسه من الوقوع في المحظور في نهار رمضان ويريد ألا يفسد صيامه بالجماع.
والقول الأخير هذا إنما هو القول الصحيح من هذه الأقوال، وعليه أكثر أهل العلم.
أما وجود الشَّبَهِ بينهما من حيثُ الكفارة، فهذا لا يُسَوِّغُ إلحاقَ كلٍّ منهما بالآخَرِ وحصول التَّداخُل فيما بينهما.
(١) الذي جاء عن الثوري أنه قال بعدم تداخلهما. يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٦/ ٦١)، وفيه قال: "وكذلك روى الأشجعي عن الثوري أن الإيلاء لا يدخل على الظهار فتبين منه بانقضاء الأربعة الأشهر". وفي "الأوسط" لابن المنذر (٩/ ٣٥٤)، قال: الظهار أصل وحكم، قد حكم الله فيه حكمًا غير حكم الإيلاء، وحكم في الإيلاء بغير حكم الظهار، وهما أصلان فلا يكون الرجل بقوله لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي موليًا كما لا يكون المرء بالإيلاء مظاهرًا، وهذا على مذهب الثوري، والشافعي، وأحمد، والنعمان".