للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المكلَّفِ حينها البحثَ عن عبدٍ آخر يكون غير قادرٍ على تحرير نفسه.

- قوله: (وَاخْتَلَفُوا: هَلْ يَجْزِيهِ عِتْقُ مُدَبَّرِهِ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: "لَا يَجْزِيهِ تَشْبِيهًا بِالكِتَابَةِ"، لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَيْسَ لَهُ حَلُّهُ (١). وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: "يَجْزِيهِ" (٢)؛ وَلَا يَجْزِي عِنْدَ مَالِكٍ إِعْتَاقُ أُمِّ وَلَدِهِ، وَلَا المُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى (٣)، وَأَمَّا عِتْقُ أُمِّ الوَلَدِ، فَلأنَّ عَقْدَهَا آكَدُ مِنْ عَقْدِ الكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا قَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهِمَا الفَسْخُ. أَمَّا فِي الكِتَابَةِ فَمِنَ العَجْزِ عَنْ أَدَاءِ النُّجُومِ، وَأَمَّا التَّدْبِير، فَإذَا ضَاقَ عَنْهُ الثُّلُث، وَأَمَّا العِتْقُ إِلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ عَقْدُ عِتْقٍ لَا سَبِيلَ إِلَى حَلِّهِ).

وقول مالكٍ بعدم إجزاء عتق أمِّ الولد، إنما هو مذهب جمهور أهل العلم (٤)، وقد علَّلوا ذلك بأن أمّ الولد تنتهي إلى العتق في آخر الأمر.


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (٢/ ٤٤٩)، حيث قال: " (و) بلا شوب (العتق) فهو عطف على عوض، وفي نسخة ولا عتق بالتنكير (لا مكاتب ومدبر ونحوهما) كأم ولد ومعتق لأجل لوجود شائبة في الجميع (أو أعتق نصفًا) مثلًا (فكمل عليه) بالحكم حصة شريكه (أو أعتقه)، أي: النصف الباقي ثانيًا بأن كانت الرقبة كلها له فلا يجزي؛ لأن شرط الإجزاء عتق الجميع دفعة واحدة".
(٢) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٨/ ١٩٣)، حيث قال: " (ويجزئ) ذو كتابة فاسدة و (مدبر ومعلق) عتقه (بصفة) غير التدبير لصحة تصرفه فيه، ومحله: إن نجز عتقه عن الكفارة أو علقه بصفة تسبق الأولى".
(٣) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير ومعه حاشية الدسوقي" (٢/ ٤٤٩)، حيث قال: " (قوله: وبلا شوب العتق) أشار الشارح بذلك إلى أنه عطف على "عوض" سواء كان العتق منكرًا أو معرفًا لجواز عطف المعرفة على النكرة، والمعنى: خالية عن شائبة عوض وعتق، فإن كان فيها شائبة عتق فلا يجزئ، ويدخل فيه ما إذا اشترى زوجته حاملًا وأعتقها عن ظهاره؛ لأنها تصير أم ولد على المشهور لعتق الولد عليه في بطنها".
(٤) وهو مذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة.
مذهب الحنفية، يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٣/ ٤٧٥)، حيث قال: ("قوله: ولا يجزئ مدبر وأم ولد) لاستحقاقهما الحرية بجهة، فكان الرق فيهما ناقصًا، والإعتاق عن الكفارة يعتمد كمال الرق كالبيع، فلذا لا يجوز بيعهما بحر". =

<<  <  ج: ص:  >  >>