للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانَ مَا أَرَادَ، وَلَزِمَهُ مِنَ الكَفَّارَاتِ عَلَى عَدَدِ الظِّهَارِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: "تَلْزَمُ الكَفَّارَةُ عَلَى عَدَدِ الظِّهَارِ؛ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي مَجَالِسَ شَتَّى" (١)).

أما إذا كانت هذه الظهارات في مجلسٍ واحدٍ، بحيث قال الزوج لامرأته: (أنتِ عَلَيَّ كظهرِ أُمِّي)، ثم بعد ذلك عاد وكررها في نفس المجلس، فلأهل العلم ثلاثة أقوالٍ هاهنا:

القول الأول: ما ذهب إليه مالكٌ وأحمد، من أنه لا تلزمه إِلَّا كفارةٌ واحدةٌ، دون النظر إلى مراده من الظهار الثاني.

القول الثاني: هو ما ذهب إليه أبو حنيفة، من أنَّه إذا كان يقصد بالظهار الثاني التأكيد على الظهار الأول فحينئذٍ لا تلزمه إِلَّا كفارةٌ واحدةٌ، أما إذا كان يقصد استئناف الظهار مرةً ثانيةً فكفارتان.

القول الثالث: هو ما ذهب إليه يحيى بن سعيدٍ، من أنه تلزمه الكفارة على عدد مرات الظهار، سواء في ذلك إن كان ظاهَرَ في مجلسٍ واحدٍ أو في مجالسَ متعددة.

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الاخْتِلَافِ أَنَّ الظِّهَارَ الوَاحِدَ بِالحَقِيقَةِ هُوَ الَّذِي يَكُونُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ مِنِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَالمُتَعَدِّدُ بِلَا خِلَافٍ هُوَ الَّذِي يَكُونُ بِلَفْظَيْنِ مِنِ امْرَأَتَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ).

ومعناه: أن الظهار الواحد الأصل فيه أن يتلفظ فيه الزوجُ بالظهار مرةً واحدةً، ويخاطب به امرأةً واحدةً، في وقتٍ واحدٍ، بحيث لا يتكرر ذلك منه.


(١) يُنظر: "المدونة" لسحنون (٢/ ٣١٢)، حيث قال: "قال ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال في رجل ظاهر من امرأته ثلاث مرات في مجلس واحد في أمور مختلفة فحنث: إن عليه ثلاث كفارات".

<<  <  ج: ص:  >  >>