للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ظاهَرَ الزوجُ ولم يكَفِّر عن ظِهاره ثم ظاهَرَ مرةً أخرى، فهاهنا قولان لأهل العلم في المسألة:

القول الأول: هو ما ذهب إليه الإمامان مالكٌ وأحمد ومَن معهما، من أنه حينئذٍ لا تلزمه إِلَّا كفارةٌ واحدةٌ عن الظهارَيْن، أما إذا كان قد كَفَّرَ عن الظهار الأول فحينئذٍ تلزمه كفارةٌ ثانيةٌ عن الظهار الثاني.

القول الثاني: هو ما ذهب إليه أبو حنيفة والشافعي، من أنه حينئذٍ تلزمه لكلِّ ظهارٍ كفارةٌ.

* قوله: (وَأَمَّا إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَلَا خِلَافَ عِنْدَ مَالِكٍ أَنَّ فِي ذَلِكَ كفَّارَةً وَاحِدَةً (١)، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى نِيَّتِهِ، فَإِنْ قَصَدَ التَّأكِيدَ، كَانَتِ الكَفَّارَةُ وَاحِدَةً، وَإِنْ أَرَادَ اسْتِئْنَافَ الظِّهَارِ


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير ومعه حاشية الدسوقي" (٢/ ٤٤٥)، حيث قال: " (قوله: كذلك)، أي: بغير تعليق ولو بمجال (قوله: أو علقه بمتحد إلخ) عبارة ابن رشد في "البيان والتحصيل" في نوازل أصبغ من كتاب الظهار ما نصه: مذهب ابن القاسم أن الرجل إذا ظاهر من امرأته ظهارًا بعد ظهار أنهما إن كانا معًا بغير فعل أو جميعًا بفعل واحد أو الأول بفعل والثاني بغير فعل فليس عليه فيهما جميعًا إِلَّا كفارة واحدة إِلَّا أن يريد أن عليه في كلِّ ظهار كفارة فيلزم ذلك ثم قال: وأما إذا كانا جميعًا بفعلين مختلفين، أو الأول منهما بغير فعل والثاني بفعل فعليه في كل واحد كفارة".
وهو مذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١٦٩٣)، حيث قال: " (كمكرر ظهارًا من) امرأة (واحدة قبل تكفير ولو) كرره (بمجالس أو أراد) بتكراره (استئنافًا) نصًّا؛ لأن تكريره لا يؤثر في تحريم الزوجة لتحريمها بالقول الأول فلم تجب كفارة ثانية كاليمين بالله".
تقدَّم. وهو مذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٨/ ١٨٧)، حيث قال: " (ولو كرر) لفظ ظهار مطلق (في امرأة متصلًا) كل لفظ بما بعده (وقصد تأكيدًا فظهار واحد) كالطلاق فيلزمه كفارة واحدة إن أمسكها عقب آخر مرة، أما مع تفاصيلها بفوق سكتة تنفس وعي فلا يفيد قصد التأكيد ولو قصد بالبعض تأكيدًا، وبالبعض استئنافًا أعطي كل حكمه (أو) قصد (استئنافًا) ولو في إن دخلت فأنت عليّ كظهر أمي وكرره (فالأظهر التعدد) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>