للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَطْءِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اشْتَرَطَ صِحَّةَ الكَفَّارَةِ قَبْلَ المَسِيسِ، فَإِذَا مَسَّ، فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُهَا، فَلَا تَجِبُ إِلَّا بِأَمْرٍ مُجَدَّدٍ، وَذَلِكَ مَعْدُوم فِي مَسْأَلَتِنَا، وَفِيهِ شُذُوذٌ).

وهو قولٌ ضعيفٌ جدًّا، ولذا فإن أهل العلم لا يُسَمُّون صاحبَه وإنما يَذكُرُونه بصيغة التمريض والتضعيف، فيقولون: (قيل)، أو: (قال به بعض الناس)، وهكذا يفعل الفقهاء عندما يقابلهم قولٌ شاذّ مردود، ما لم يكن صاحب هذا القول كثير الخروج عن الإجماع، وهذا قد يظنه البعض من باب احتقار صاحب القول، وهو غير صحيح، وإنما السبب في ذلك ما يرونه من شدة الضعف في القول ليس إِلَّا.

* قوله: (وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: "مَنْ كَانَ فَرْضُهُ الإِطْعَامَ، فَلَيْسَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ المَسِيسُ قَبْلَ الإِطْعَامِ، وإنَّمَا يَحْرُمُ المَسِيسُ عَلَى مَنْ كَانَ فَرْضُهُ العِتْقَ أَوِ الصِّيَامَ") (١).

وقد ذهب ابن حزمٍ إلى هذا القول من جواز المسيس قبل الكفارة لِمَنْ فرضُه الإطعام، لما يَراه مِن أن الإطعامَ هو آخِرُ الكفارات وأخَفُّهَا.

* * *


(١) يُنظر: "المحلى بالآثار" لابن حزم (٩/ ١٨٩)، حيث قال: "فمن لم يقدر على رقبة فعليه صيام شهرين متتابعين، ولا يحل له أن يطأها، ولا أن يمسها بشيء من بدنه - فضلًا عن الوطء - إِلَّا حتى يكفر بالعتق، أو بالصيام، فإن أقدم أو نسي فوطئ قبل أن يكفر بالعتق أو بالصيام: أمسك عن الوطء حتى يكفر، ولا بد. فإن عجز عن الصيام فعليه أن يطعم ستين مسكينًا متغايرين شبعهم. ولا يحرم عليه وطؤها قبل الإطعام".

<<  <  ج: ص:  >  >>