للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بلَّغت" (١)، وكان أصحاب رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قد شَهدُوا له بالبَلاغ، ونحن كذلك نشهد لَهُ - صلى الله عليه وسلم - بأنه بلَّغَ هذه الرسالة ونصحَ الأمَّةَ وأنه قد أكمَلَ اللّه به الدِّين، وأن اللّه - سُبْحَانَهُ وتَعَالى - قد رضي لنا الإسلام دِينًا، وأنه أحرصُ على المؤمنين من أمهاتهم وآباهم.

* ومن تلك الأمور: أن يَصُونَ المسلم لِسانَهُ عن عِرْضِ أخيهِ المُسْلِمْ فلا يذُمَّه بسوءٍ، ولا يذكره إِلَّا بخَيْرٍ، ولا يجوز له أن يكون من المُسارِعِين في ذلك؛ لأن اللّه سبحانه وتعالى خوَّفَ من دْلك، وقصة الإفك التي نَزَلَتْ في أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنهما - مشهورة، وكيف أن اللّه - سُبْحَانَهُ وتَعَالى - زكَّاها وبيَّن كذِبَ هؤلاء المفترين، وهكذا كل مسلم عليه ألَّا يُطْلِقَ لسانَه في إيذاء إخوانه المؤمنين؛ لأن رسولَ اللّه - صلى الله عليه وسلم - وضع وصفًا دقيقًا للمؤمن الحق فقال - صلى الله عليه وسلم -: "المسلِمُ من سَلِمَ المسلِمُونَ من لِسانِهِ ويدِهِ (٢) ". وقال أيضًا: "من يضْمَنُ لي ما بينَ فكَّيْه، وما بين فَخِذَيْهِ أضمنُ له الجنة" (٣)، ولذلك يقول اللّه - سُبْحَانَهُ وتَعَالى -: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (١٥)} [النور: ١٥]، وبعد ذلك يبيِّنُ اللّه تعالى المنهج القوي، والمسْلَكَ الرَّشيد الذي ينبغي أن يقوله المسلم عندما يسمع ذَمًّا من أخيه المسلِم، أو تجريحًا، أو قدحًا في حقه، فهذا هو واجب المسلم إذا سمع كلامًا في أخيه المسلم دون حُجَّةٍ أو بُرهان؛ فلا ينبغي للمسلم أن يسارعَ إلى إشاعة الفَاحِشَةِ إذ يقول بعد هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور: ١٩].


(١) أخرجه مسلم (١٦٧٩) من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - ولفظه: "ألا هل بلغت؟ " قالوا: نعم، قال: "اللهم اشهد".
وفي رواية عند مسلم أيضًا (١٢١٨) من حديث عبد اللّه بن جابر قال: "اللهم اشهد، اللهم اشهد" ثلاث مرات.
(٢) أخرجه البخاري (١٠) ومسلم (٤٠) من حديث عبد اللّه بن عمرو - رضي الله عنهما -. ولفظة مسلم: أي المسلمين خير؟ قال: "من سلم المسلمون من لسانه ويده".
(٣) أخرجه البخاري (٦٤٧٤)، من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>