للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لفِراشه، وإلحاق لطفل له وهو ليس منه، ثم ما يترتب على ذلك من الحُرمة والمَحْرمية، ولذلك جاء اللّه سبحانه وتعالى بمخرجٍ للزوج الذي يجد شيئًا من ذلك، ونسأل اللّه - تعالى - أن يصونَ المؤمنين جميعًا عن ذلك، جعل اللّه له مَخْرجًا ومنفذًا وهو طريق الملاعنة، فلما جاء هلال بن أمية إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وذكر أنه جاء من أرْضِه عِشاء فوجَدَ رجلًا عند امرأته، فرأى بعَينه وسَمِع بأذنه، لكنه لم يُهِجْهُ - أي: لم ينفر ذلك الرجل ولم يحاول إيذائه فأمْسَكَ نفْسه - وذهب إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما حَدَثَ، فكان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول له: "بَيِّنَة أو حَدٌّ في ظَهْرك" (١)، لأنه قذفٌ لزَوجته، إما أن يأتي بدليل، أو الحد عليه، وكان يقول: "يا رسول اللّه، واللّه إني لصادِق وإن اللّه - تعالى - سيُنْزِلُ براءتي"، وفعلًا نَزلتَ براءتُهُ مِنَ السَّماءِ.

فبالنسبة إلى اللعان عندما نأخذُهُ من الناحِيَةِ اللفْظِيَّة: فهو لاعَن يُلَاعِن، واللعان مصدر يقال: لاعَنَ يُلاعِنُ ملاعنة إذًا: هذا هو مصْدَرُهُ كما تقول: قِتال ويُقاتِلُ ومُقاتَلَةً، وهذا وزن كبيرٌ معروفٌ في اللغة العربية، لكن لماذا سُمِّيَ باللِّعانِ؟ قال العلماء: لأنه ورَدَ اللَّعْنُ فيه، قال تعالى: {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٧)} [النور: ٧]. وقيل: خُصَّ بذلك لأن الزوج هو الذي يبدأُ فذَكَر اللِّعان، وقيل: لأن اللِّعان إنما يحصُلُ من الزوْجِ وإن لم يُلاعِنْ لم يحصُلْ، ولو أنه نَكَلَ ما حصل لَعَانٌ. إذًا: كله يدُورُ حولَ الزوْجِ (٢)، ولا شك أن اللّه - سُبْحَانَهُ وتَعَالى - وصف المرأة بأمرٍ أخْطَرَ من ذلك عندما تأتى بالشهادة الخامسة: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا} [النور: ٩]. والغضب هو السُّخْطُ؛ وحدُّ القَذْف عظيمٌ وشديد، ولذلك صَحَّ عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه قوله: "اجتنبوا السبع الموبقات - أي المهلكات - " قيل: يا رسول اللّه! وما هنَّ؟ قال: "الإشراكُ


(١) أخرجه البخاري (٢٦٧١)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) انظر: "العناية شرح الهداية" لمحمد البابرتي (٤/ ٢٧٦) حيث قال: "لقب الباب باللعان دون الغضب وإن كان فيه الغضب أيضًا، لأن اللعن من جانب الرجل وهو مقدم … "، وانظر: "بحر المذهب" للروياني (١٠/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>