* إذًا: من يرمي المؤمن دون بَيِّنَةٍ، ودون أن يُثبِتَها؛ يُجلدُ ثمانين جَلدة حدَّ القَذْفِ، وتُرَدُّ شهادته ويوصَفُ بأنه من الفاسقين، إِلَّا الذين تابُوا من بعد ذلك وأصلحوا، فبعض العلماء يقولون:"يرفع عنه الفِسْقُ لكنه يظل مردودَ الشهادة طوال حَياتِهِ؛ لأنه ارتَكَبَ أمرًا عظيمًا، لأن الإسلام حريصٌ على صِيانَةِ المؤمنين، ولذلك كان رسولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يحض أصحابه ألا يبَلِّغُهُ أحدًا عن أصحابه مما يؤثِّرُ عليه، بل كان يُحِبُّ دائمًا ألا يسمع عنهم إِلَّا خيرًا، وألَّا يسمع فيهم إِلَّا حقًّا وصدقًا، وهكذا كل مؤمن ينبغي أن يكون كذلك، ولذلك لمَّا نزلت هذه الآية قال سعد بن عبادة - وهو شيخ الأنصار ورئيسُهم وسيدُهم كما وصفه بذلك رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: أهكذا نَزَلَتْ يا رسول اللّه؟!! وكأنه يتعَجَّب! فقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "نعم". ثم قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الأنصارِ: أسَمِعْتُم ما قال سَيِّدُكم؟ " فقالوا يا رسول اللّه: لا تَلُمْهُ فإنه شديد الغَيرَةِ فواللّه ما تزوج امرأة إِلَّا بكرًا، وما طلَّق أمرأة فيجرؤُ أحد أن يتزوجها بعده لشدة غَيرَتِهِ". ثم بعد ذلَك أجاب سعدٌ رسولَ اللّه - صلى الله عليه وسلم - بقوله:"واللّه إني أعلم أنه الحق، وأنها نزلت من اللّه - سُبْحَانَهُ وتَعَالى -، ثم ذَكَر لو أن رجلًا وجد مع امرأتِهِ آخر كيف يتركه ويذهب ليأتي بالشهداء؟! فربما يقْضِي حاجته وينصَرِف". إلى أن نزلت الآية الأخرى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (٨) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩)} [النور: ٦ - ٩](١).
* وهناك أحاديث لا شك أن كل إنسان في هذه الحياة حريص على بيته، غيورٌ على أهله، فهو لا يُريد أن تَشيعَ فاحِشَةٌ في بيتِهِ؛ لأن هذا تَلويثٌ لفِرَاشِه، وذمّ لأهْلِهِ، إذ هو يشمله شيء من ذلك، لكن إذا نظر على ما ترتب على ذلك من الفساد وبخاصة إذا وجَدَ حَمْلا، فهذا تلويثٌ
(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (١/ ٢٣٨) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -. وقال شعيب الأرناؤوط في تعليقه على المسند: "حسن".