للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَأَمَّا مِنَ السُّنَّةِ فَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ، وَغَيْرُهُ مِنْ مُخَرِّجِي الصَّحِيحِ).

هذا الذي سيذكُرُه المؤلف حديثٌ صحيحٌ أخرجه البخاري ومسلم، وأصحاب السنن، ومالك إِلَّا الترمذي (١).

مِنْ "حَدِيثِ عُويمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ".

وهو من كبار بَنِي عَجْلان جاء إليه رجل يشكو حاله فيقول: لو أن رجلًا وجد رَجُلًا عند أهله إن قَتَله قَتَلتموه، وفي بعض الروايات أيقتله فتقتلوه، سلْ رَسولَ اللّه - صلى الله عليه وسلم -.

(إِذْ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الْعَجْلَانِيِّ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَاصِم، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُه، فَتَقْتُلُوهُ؟ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَ عَاصِمٌ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ: يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ) (٢).

قال له: "لم تأتني بخير"؛ لأن رسولَ اللّه - صلى الله عليه وسلم - يكرَهُ تلك المسائل وتُؤذِيهِ - صلى الله عليه وسلم -، فهو - صلى الله عليه وسلم - يُعجبُهُ الفِعْلُ الحسن، وما كان يريد أن يأتي إنسانٌ فيسأل عن أمور تقَعُ فلا تكون محمودة، ولذلك ثبت عن رَسولِ اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - أنه قال: "أنما أهلك من كان قَبْلَكُم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجْتَنبوه، وإذا أمرتُكُم بأمر فأتُوا مِنه ما استطعتم" (٣). هكذا وضع لنا رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - منهجًا يُقَوِّمُنا، ومعيارًا دقيقًا أن الإنسان لَا يبحث عن الأمور التي ربما تُضَيِّق، وإذا تفاءل تفاءل بخيرٍ ودائمًا يُحسِنُ الظنَّ باللّهِ - سُبْحَانَهُ وتَعَالى - فإذا أحسنتَ الظَّنَّ بربِّك وجدتَهُ عند حسُنْ ظنِّك، ولذلك:


(١) أخرجه البخاري (٥٢٥٩)، ومسلم (١٤٩٢)، وأبو داود (٢٢٤٥)، والنسائي (٣٤٠٢)، وابن ماجة (٢٠٦٦)، ومالك (٢/ ٥٦٦).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (١٣٣٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>